المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢١٧
فيما فعل وإذا وجد اللقيط مسلم وكافر فتنازعا في كونه عبد أحدهما قضى به للمسلم لأنه محكوم له بالاسلام فكان المسلم أحق بحفظه ولان المسلم يعلمه أحكام الاسلام والكافر يعلمه أحكام الكفر إذا كان عنده وكونه عند المسلم أنفع له حتى يتخلق بأخلاق المسلمين واللقيط يعرف ما هو أنفع له وان ادعت امرأة اللقيط انه ابنها لم تصدق الا بشهود بخلاف ما إذا ادعاه رجل لان النسب يثبت باعتبار الفراش فإنما يثبت من صاحب الفراش أولا وهو الرجل فالمرأة بالدعوة تحمل النسب على غيرها وهو صاحب الفراش حتى إذا ثبت منه يثبت منها وقولها ليس بحجة على الغير والرجل يدعي النسب لنفسه ابتداء ويقربه علي نفسه يوضح الفرق أن سبب ثبوت النسب من الرجل خفى لا يقف عليه غيره وهو الوطئ فيقبل فيه مجرد قوله وسبب ثبوت النسب من المرأة الولادة وذلك يقف عليه غيرها وهو القابلة فلم يكن مجرد قولها فيه حجة فان أقامت رجلا وامرأتين على الولادة يثبت النسب منها لان النسب مما يثبت مع الشبهات فيثبت بشهادة الرجال مع النساء وان ادعته امرأتان وأقامت كل كل واحدة امرأة أنه ابنهما فهو ابنهما جميعا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهذا في رواية أبى حفص رحمه الله تعالى وأما في رواية أبى سليمان رضي الله عنه لا يكون ابن واحدة منهما وجه رواية أبي حفص ان شهادة المرأة الواحدة حجة تامة في اثبات الولادة لأنه لا يطلع عليها الرجال فكان إقامة كل واحدة منهما امرأة واحدة بمنزلة اقامتها رجلين أو رجل وامرأتين وجه رواية أبى سليمان رضي الله عنه ان شهادة المرأة الواحدة حجة ضعيفة لأنها شهادة ضرورية فلا تكون حجة عند المعارضة والمزاحمة ألا ترى أنه لو أقامت إحداهما رجلين والأخرى امرأة واحدة لم تكن شهادة المرأة الواحدة حجة في معارضة شهادة رجلين فلا يثبت النسب من واحدة منهما الا ان يقيم كل واحدة منهما البينة رجلين أو رجلا وامرأتين فحينئذ يثبت النسب منهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى قولهما لا يثبت من واحدة منهما وقد بينا هذه المسألة فيما أمليناه من شرح كتاب الدعوى مع أختها وهو أن يدعى رجلان أو أكثر من ذلك وما في ذلك من اختلاف الروايات فان أقامت إحداهما رجلين والأخرى امرأتين جعلته ابن التي شهد لها الرجلان لان شهادة الرجلين حجة قوية وشهادة المرأتين حجة ضعيفة والضعيف ساقط الاعتبار في مقابلة القوى وإذا وجد العبد أو المكاتب أو الذمي أو الحربي لقيطا في مصر من أمصار المسلمين فهو حر لأنه لما علم أنه لقيط
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 » »»
الفهرست