المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢١٣
ثم الثاني بالأخذ فوت عليه يدا محقة فيؤمر بإعادتها بالرد عليه وهذا لان الأول أخذ ما هو مندوب إلي أخذه والثاني أخذ ما هو ممنوع من أخذه لحق الأول فلا تكون يده معارضة ليد الأول ولا ناسخة لها وإذا كبر اللقيط فادعاه رجل فذلك إلى اللقيط لأنه في يد نفسه وله قول معتبر إذا كان يعبر عن نفسه فيعتبر تصديقه لاثبات النسب منه وهذا لان المدعى يقر له بالنسب من وجه ويدعى عليه وجوب النسبة إليه من وجه فلا يثبت حكم كلامه في حقه الا بتصديقه دعوى كان أو اقرارا وإذا صدقه يثبت النسب منه إذا كان مثله يولد لمثله فأما إذا كان مثله لا يولد لمثله لا يثبت النسب منه لان الحقيقة تكذبهما وجناية اللقيط على بيت المال لان ولاءه لبيت المال فان الولاء مطلوب لمعنى التناصر والتقوى به ومن ليس له مولى معين فتناصره بالمسلمين وإنما يتقوى بهم فإذا كان ولاؤه لهم كان موجب جنايته عليهم يؤدى من بيت المال لأنه مالهم وميراثه لبيت المال دون الذي التقطه ورباه لان استحقاق الميراث لشخص بعينه بالقرابة أو ما في معناه من زوجية أو ولاء وليس للملتقط شئ من ذلك (فان قيل) هو بالالتقاط والتربية قد أحياه فينبغي أن يثبت له عليه الولاء كما يثبت للمعتق بالاعتاق الذي هو احياء حكما (قلنا) هذا ليس في معنى ذلك لان الرقيق في صفة مالكية المال هالك والمعتق محدث فيه لهذا الوصف واللقيط كان حيا حقيقة ومن أهل الملك حكما فالملتقط لا يكون محييا له حقيقة ولا حكما فلا يثبت له عليه ولاء ما لم يعاقده عقد الولاء بالبلوغ وإذا ثبت أنه لا ميراث للملتقط منه كان ميراثه لبيت المال لأنه مسلم ليس له وارث معين فيرثه جماعة المسلمين يوضع ماله في بيت المال وان والي رجلا بعدما أدرك جاز كما لو والى الملتقط لان ولاءه لبيت المال لم يتأكد بعد فله أن يوالي من شاء بخلاف ما إذا جنى جناية وعقله بيت المال فان هناك قد تأكد ولاؤه للمسلمين حين عقلوا جنايته فلا يملك ابطال ذلك بعقد الموالاة مع أحد كالذي أسلم من أهل الحرب له أن يوالي من شاء إلا أن يجني جناية ويعقله بيت المال ولا يجوز للملتقط على اللقيط ذكرا كان أو أنثى عقد النكاح ولا بيع ولا شراء لان نفوذ هذه التصرفات على الغير يعتمد الولاية كما قال صلى الله عليه وسلم لا نكاح الا بولي ولا ولاية للملتقط على اللقيط وإنما له حق الحفظ والتربية لكونه منفعة محضة في حقه وبهذا السبب لا تثبت الولاية وان ادعى ان اللقيط عبده لم يصدق بعد أن يعرف أنه لقيط لأنه محكوم بحريته باعتبار الظاهر فلا يبطل ذلك بمجرد قوله ولان يده يد حفظ فلا
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست