حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٣ - الصفحة ١٥٣
لكل من الصورتين أما إذا وكله على شرائه فاشتراه ثم باعه لنفسه فليس هذا من صور بيع الطعام قبل قبضه لان الوكيل قد قبضه قبل بيعه لنفسه ويد الوكيل الموكل فالحق الجواز في هذه كما في طفي وبن.
والحاصل أن في كل من المسألتين إن باعه الوكيل لأجنبي ثم اشتراه منه قبل أن يقبضه فإنه يمنع وأما إن اشتراه من موكله فإنه يجوز فقد صرحوا بجواز شراء الوكيل إذا كان بإذنه ومنعه مع عدمه.
قوله: (ويمتنع أن يقبضه) أي ويمتنع أن يقبض الوكيل الطعام لنفسه أيضا في دين له على موكله أي الذي وكله على بيعه أو على شرائه وما ذكره من منع أخذ الوكيل له في دين على موكله فيه نظر لان الوكيل وإن كان يقبض من نفسه لنفسه إذا أخذه في الدين لكن ليس هنا توالي عقدتي بيع أصلا فليس هذا من صور بيع الطعام قبل قبضه، وشارحنا تبع فيما قاله من المنع التوضيح واعترضه طفي بما تقدم ثم قال واستدلال التوضيح على المنع بمسألة المدونة، وهو أن من له دين الطعام إذا وكله المدين على شرائه وقبضه لنفسه لم يجز لان بيع الطعام قبل قبضه لا يدل له لان من له دين الطعام إذا وكله المدين على شرائه وقبضه لنفسه يتهم على عدم الشراء وأخذ الثمن لنفسه فيكون قد باع به الدين قيل قبضه فليست علة المنع فيها قبضه من نفسه بل اتهامه على بيع ما في ذمة الموكل من الطعام قبل قبضه. قوله: (ثنتان في وكيل البيع الخ) أي لأنه إذا وكله على البيع وقبضه من موكله إما أن يبيعه لأجنبي ثم يشتريه من ذلك الأجنبي قبل قبضه له وإما أن يأخذه في دين على موكله وإذا وكله على شرائه فاشتراه وقبضه فإما أن يشتريه بعد ذلك من موكله أو يأخذه في دين على موكله وظاهر الشرح المنع في الصور الأربعة وقد علمت ما فيه. قوله: (فتأمله) أشار بهذا لقول بعضهم في النفس شئ من جواز هذه المسألة لا سيما والصحيح عند أهل المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه تعبدي فإن لم يكن اتفاق في المسألة على الجواز فالأقرب منعها ا ه‍ لكن تعقب ابن عرفة قوله الأقرب منعها بأن ما ذكره ابن الحاجب وابن شاس من الجواز هو ظاهر السلم الثالث من المدونة انظر بن. قوله: (جزاف) أي جاز بيع طعام اشتراه جزافا بمجرد العقد عليه قبل أن يقبضه. والحاصل أنه إذا اشترى طعاما فإن اشتراه على على الكيل فلا يجوز له بيعه قبل قبضه لا جزافا ولا على الكيل وإن اشتراه جزافا جاز له بيعه قبل أن يقبضه سواء باعه جزافا أو على الكيل. قوله: (وكصدقة) أي أن طعام الصدقة والهبة والقرض وما أشبه ذلك من كل طعام ليس معاوضا عليه يجوز بيعه قبل قبضه قال بن ويقيد الجواز بما إذا لم يكن المتصدق اشتراه وتصدق به قبل أن يقبضه وإلا فالمتصدق عليه لا يبيعه حتى يقبضه انظر المواق، وكذا يقال في طعام الهبة والقرض قال في الجلاب من ابتاع طعاما بكيل ثم أقرضه رجلا أو وهبه له أو قضاه لرجل عن قرض كان له عليه فلا يبيعه أحد ممن صار إليه ذلك الطعام حتى يقبضه. قوله: (وجاز للسيد الخ) أي سواء قلنا أن الكتابة عتق أو قلنا أنها بيع لأنه يغتفر بين السيد وعبده ما لا يغتفر بين غيرهما قاله شيخنا. قوله: (أي طعام) جعل ما واقعة على طعام وإن كانت من صيغ العموم مأخوذ من قرينة كون البحث في بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (كاتبه به) أي لأجل معلوم. قوله: (لأنه يغتفر الخ) أي وأما بيع ما على المكاتب من الطعام قبل قبضه منه لغيره فلا يجوز لأنه يغتفر الخ.
قوله: (وهل محل الجواز إن عجل العتق) أي لان العتق لكونه أمرا عظيما محترما يتشوف الشارع إليه اغتفر لأجله بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (بأن يبيعه جميع ما عليه من النجوم) أي لأنه إذا باع له جميعها خرج حرا بمجرد البيع ولا يتوقف العتق على صيغة. قوله: (أو بعضها) أي أو باعه بعض النجوم وأبقى النجوم الباقية لأجلها وعجل عتقه على ذلك بأن يقول للعبد أنت حر على أن تأتيني بكذا من الدراهم
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست