مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢٤٥
سنة براءة للدافع مما قبل ذلك. ومثل ما في رسم الأقضية من سماع أشهب في التخيير والتمليك في الذي يبارئ امرأته وهي حامل على أن تكفيه مؤنة الرضاع ثم تطلبه بنفقة الحمل فقال: لا شئ عليه لأنه يعرف أنه لم يكن يمنعها الرضاع أو يعطيها هذا. وإنما الاختلاف إذا قام بذكر حق فزعم أنه بعد البراءة وزعم المطلوب أنه قبل البراءة وأنه دخل فيها وذلك على ثلاثة أقوال. مضى تحصيلها في سماع أبي زيد من الشهادات انتهى.
تنبيه: إنما يلزم المطلوب اليمين إذا حقق الطالب الدعوى وأنها بعد البراءة، ولو قال لا أعلم كانت اليمين يمين تهمة وتجري على أيمان التهم. قال في الرسم الثاني من كتاب المديان أيضا: وسئل مالك عمن كان له على رجل دين فقضاه واكتتب منه براءة فيها وهو آخر حق كان له عليه، فيأتيه بعد ذلك بذكر حق لا يعلم أكان قبل البراءة أو بعدها. قال: أرى براءته من ذلك أن يحلف لقد دخل هذا الذكر الحق في هذه البراءة ويبرأ من ذلك، ولعله أن يأتي بذلك عليه بعد موته فلا يكون له ذلك. قال ابن رشد: المعنى في هذه المسألة أن الطالب لما أتى بذكر الحق أشكل، أكان قبل البراءة أو بعدها، إما لكونهما مؤرخين بشهر واحد أو عاريين من التاريخ أو أحدهما، ووقع قوله: لا يعلم أكان قبل البراءة معرى من الضبط، فإن كان أراد أن الطالب لا يعلم أكان ذكر الحق الذي قام به قبل أو بعد فإيجابه اليمين على المطلوب لقد دخل هذا الذكر الحق في هذه البراءة مختلف فيه لأنها يمين تهمة من غير تحقق دعوى، فيجري على الخلاف المعلوم في لحوق يمين التهمة وصرفها. وإن كان أراد أن الطالب ادعى أن ذكر حقه الذي قام به بعد البراءة و حقق الدعوى بذلك ولم يعلم صحة قوله لالتباس التواريخ، فلا اختلاف ولا إشكال في لحوق اليمين ولا في وجوب صرفها إلا أنه اختلف هل يكون القول قول الطالب أو المطلوب انتهى. ونص ما لسحنون في نوازله الذي أشار إليه ابن رشد قيل له: أرأيت إن أتى بذكر حق له على رجل فيه ألف دينار فأتى المشهود عليه ببراءة ألفي دينار يزعم أن تلك الألف دخلت في هذه المحاسبة والقضاء. قال: يحلف ويبرأ. قيل له: فإن أتى ببراءات متفرقة إذا اجتمعت مع الذكر الحق أو الذكورات الحق كانت أكثر أو أقل وليس شئ من ذلك منسوبا أنه من الذكورات الحق ولا غير ذلك. فقال: إذا كانت البراءات متفرقة وليس واحد منها إذا انفردت فيها جميع هذه الذكورات الحق أو الذكر الحق فإني لا أراها براءة مما ثبت قبله، وإن كان في واحد منها جميع هذا الحق وصارت بقية البراءات زيادة على ما ثبت قبله فإني أرى أن يحلف ويبرأ. قال ابن رشد: تفرقة سحنون هذه ضعيفة لا وجه لها لان الحق يقضى مجتمعا ومتفرقا شيئا بعد شئ. وقد روى ابنه أنه رجع إلى أن يبرأ بالبراءات المتفرقة، وإن كان ليس في واحدة منها إذا انفردت كفافا بالذكر الحق، ولو قيل إنه إن كان البراءة أو البراءات إذا اجتمعت أكثر من ذكر الحق لم تكن براءة لكان لذلك وجه بأن يقال:
المعنى في ذلك أن المطلوب أنكر المخالطة وزعم أنه لم يبايعه سوى هذه المبايعة التي فيها ذكر
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست