مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢٠٨
في كتاب ابن سحنون عن أبيه. وقال بعض القرويين: شهادته في هذا جائزة إذا كان عدلا ويحلف المقر معه ويستحق وتهمة في ذلك إذا حل الاجل انتهى. فحاصله أنه اختلف هل يقضى عليه بإقراره أو لا على قولين. وعلى القول بعدم القضاء، فهل يكون شاهدا؟ قولان. قال في الشامل: وفي جبر مسلم إليه على الدفع لمن أقر له المسلم الغائب قولان، وفي كونه كشاهد إن كان عدلا يحلف معه المستحق ويأخذ ذلك قولان، أما إن ثبت ببينة فله قبضه اتفاقا انتهى.
وما ذكره عن القابسي من عدم جبره على الدفع هو الذي جزم به القاضي عبد الوهاب في المعونة فقال: إذا وكله على قبض دين له على رجل أو وديعة عنده فصدق الغريم الوكيل وليس للوكيل بينة، فلا يجبر الغريم على دفع الشئ للوكيل خلافا لأبي حنيفة لأنه لا يلزم الغريم أن يدفع إلا ما يبرأ به بدليل أنه لو كان عليه حق ببينة فطالب صاحبه به كان له أن يمنعه حتى يحضر الوثيقة وتسقط شهادة الشهود، والدافع بالاقرار لا يبرأ به بدليل أن صاحب الحق إن جحد الوكالة لزمه دفعه إليه ثانية، وإن كان كذلك لم يلزمه الدفع. وتحريره أن يقال: كل من لا يبرأ بالدفع إليه لم يجبر على دفعه إليه كالأجنبي، ولأنه أقر على غيره بالتوكيل فلم يلزمه علم ذلك الاقرار بتسليم ما في يده إلى الوكيل انتهى. وعليه اقتصر اللخمي في كتاب الوديعة.
وقال ابن فرحون في الفصل الخامس من القسم الثالث من الركن السادس من الباب الخامس من القسم الأول من أقسام الكتاب في التنبيه على أحكام تتوقف سماع الدعوى بها على إثبات فصول إنه المشهور ونصه: ولو صدق الخصم الوكيل في الدعوى واعترف بالمدعي به لم يجبره الحاكم على دفعه على المشهور حتى يثبت عنده صحة الوكالة انتهى. وتقدم كلامه هذا عند قوله المؤلف وواحد في خصومه. وقال في آخر الفصل السادس في حكم الوكالة على الدعوى: إنه إذا صدقه على الوكالة وأقر بالدين ألزم بالدفع إليه. ونصه مسألة في المطلوب يوافق على صحة الوكالة قبل ثبوتها: وإذا قام رجل على رجل في مهر امرأته أو دين رجل وادعى وكالة صاحب ذلك فأقر المطلوب بالدين أو بالمهر واعترف بصحة الوكالة، فإنه يلزمه دفع ذلك إليه، فإن قام صاحب الحق على المطلوب يطلبه بذلك قضى له به لأنه إنما يقضى عليه أولا بإقراره والمصيبة منه انتهى. وله في الباب السبعين في القضاء بالأمارات وقرائن الأحوال ما يوافق ذلك، وعزاه للمتيطية. ونصه في المتيطية: حكى ابن حبيب عن سحنون فيمن قال لرجل وكلني فلان على قبض دينه منك وعدده كذا، فصدقه في الوكالة وأقر بالدين أنه يلزمه الدفع إليه، فإن قدم فلان وأنكر التوكيل غرم المقر لان الحكم كان بإقراره انتهى. وفيه ما يؤخذ منه ما يخالف هذا ويوافق ما تقدم عن الفصل الخامس، وما ذكره من لزوم الدفع جار على ما ذكره ابن يونس عن بعض أصحابنا، وما ذكره عن القابسي أرجح، ويكفي في ترجيحه اقتصار القاضي عبد الوهاب واللخمي عليه وتشهير ابن فرحون له، والظاهر عندي من القولين في شهادته عدم قبولها والله أعلم، وهو الذي يؤخذ من مسألة السلم الثاني التي ذكرها المؤلف
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست