مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٢٦
ثم شرع في الركن الثالث وهو الثمار مترجما له بفصل، فقال: فصل: فيما يشترط في عقد المساقاة: (يشترط) فيه (تخصيص الثمر بهما) أي المالك والعامل، فلا يجوز شرط بعضه لغيرهما، (واشتراكهما فيه) فلا يجوز شرط كل الثمرة لأحدهما، (والعلم) أي علمهما (بالنصيبين بالجزئية) وإن قل كجزء من ألف جزء، (كالقراض) في جميع ما سبق، ومما سبق الصحة فيما إذا قال: بيننا وفيما إذا قال: على أن لك النصف. وقول المصنف بالجزئية قد يوهم الفساد هنا، وليس مرادا. ولو ساقاه على نوع بالنصف وآخر بالثلث صح العقدان إذا عرفا قدر كل من النوعين، وإلا فلا لما فيه من الغرر، فإن المشروط فيه الأقل قد يكون أكثر، وإن ساقاه على النصف من كل منهما صح وإن جهلا قدرهما. وخرج بالثمر الجريد والكرناف والليف فلا يكون مشتركا بينهما بل يختص به المالك كما جزم به في المطلب تبعا للماوردي وغيره، قال: ولو شرط جعله بينهما على حسب ما شرطناه في الثمن فوجهان في الحاوي اه‍. والظاهر منهما الصحة كما نقله الزركشي عن الصيمري. ولو شرط للعامل بطل قطعا. ولا يصح كون العوض غير الثمر، فلو ساقاه بدراهم أو غيرها لم تنعقد مساقاة ولا إجارة إلا إذا فصل الأعمال وكانت معلومة. ولو ساقاه على نوع بالنصف على أن يساقيه على آخر بالثلث فسد الأول للشرط الفاسد، وأما الثاني فإن عقده جاهلا بفساد الأول فكذلك وإلا فيصح.
تنبيه: لا قلب في كلام المصنف كما قال بعض الشراح من أن حقه أن يقول: يشترط تخصيصهما بالثمر، لأن المصنف مشى هنا على الاستعمال العرفي من دخول الباء على المقصور عليه، ومشى في باب القراض حيث قال فيه: ويشترط اختصاصهما بالربح على الاستعمال اللغوي من دخول الباء على المقصور، وقد نبه على الاستعمالين بعض المحققين، فقال في قوله تعالى: * (إياك نعبد) * معناه: نخصك بالعبادة، ولو قيل نخص العبادة بك كان استعمالا عرفيا. (والأظهر صحة المساقاة بعد ظهور الثمر) لأنه أبعد عن الغرر للوثوق بالثمر فهو أولى بالجواز. والثاني: لا يصح لفوات بعض الأعمال، (لكن) محل الصحة (قبل بدو الصلاح) إذا جعل عوض العامل من الثمرة الموجودة لبقاء معظم العمل، أما بعده فلا يجوز قطعا، وكذا لو ساقاه على النخل المثمر وعلى ما يحدث من ثمر العام. ويشترط في الشجر المساقى عليه أن يكون مغروسا كما مر.
(و) على هذا (لو ساقاه على ودي) وهو بواو مفتوحة وداخل مكسورة ومثناة تحتية مشددة: صغار النخل، (ليغرسه ويكون الشجر لهما لم يجز) إذا لم ترد المساقاة على أصل ثابت، وهي رخصة فلا تتعدى موردها، ولان الغرس ليس من أعمال المساقاة، فأشبه ضم غير التجارة إلى عمل القراض.
تنبيه: ليس الشجر بقيد، فلو قال ولك نصف الثمرة لم يصح أيضا. وإذا عمل في الصورتين فله أجرة المثل على المالك إن توقعت الثمرة في المدة وإلا فلا في الأصح، وله أجرة الأرض أيضا إن كانت له. ولو كان الغراس للعامل والأرض للمالك فلا أجرة له ويلزمه أجرة الأرض. (ولو كان) الودي (مغروسا) وساقاه عليه (وشرط له جزءا من الثمر على العمل، فإن قدر) في عقد المساقاة عليه (مدة يثمر) الودي (فيها غالبا) كخمس سنين، (صح) العقد، ولا يضر كون أكثر المدة لا ثمر فيها كما لو ساقاه خمس سنين. والثمرة يغلب وجودها في الخامسة خاصة، فإن اتفق أنه لم يثمر لم يستحق العامل شيئا كما لو ساقاه على النخيل المثمرة فلم تثمر. (وإلا) أي وإن قدر مدة لا يثمر فيها غالبا، (فلا) تصح لخلوها عن العوض كالمساقاة على شجرة لا تثمر، فإن وقع ذلك وعمل العامل لم يستحق أجرة إن علم أنها لا تثمر ف ي تلك المدة وإلا استحق ويرجع في المدة المذكورة لأهل الخبرة بالشجر في تلك الناحية كما يقتضيه كلام الدارمي.
(وقيل: إن تعارض الاحتمالان) في الأثمار وعدمه، وليس أحدهما أظهر، (صح) العقد لأن الثمر مرجو كالقراض
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429