مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٠
لأنها إذا وردت على الذمة أشبهت بيع الدين بالدين، لأن العمل دين على العامل، والثمرة وإن لم تكن دينا إلا أنها معدومة فهي في معنى الدين، وبيع الدين بالدين مجمع على بطلانه، وقال السبكي: لم يتبين لي دليل قوي على لزومها، وكنت أود لو قال أحد من أصحابنا بعدم لزومها حتى كنت أوافقه. أجيب عن الأول بأن بيع الدين بالدين قد جوز للحاجة كما في الحوالة، وهذه أولى لشدة الحاجة إليها، وعن الثاني بما مر من القياس على الإجارة. ويملك العامل فيها حصته بالظهور بخلاف القراض لأن الربح فيه وقاية لرأس المال بخلاف الثمرة، نعم إن عقدت المساقاة بعد ظهور الثمرة ملكها بالعقد . وفي فروع ابن القطان أن العامل لو قطع الثمرة قبل أن تبلغ كان متعديا، قال: ولا شئ له. والأول ظاهر، والثاني لا يأتي على القول بأن العامل يملك حصته بالظهور. ثم فرع على اللزوم قوله: (فلو هرب العامل) أو مرض أو عجز بغير ذلك (قبل الفراغ) من عملها (وأتمه المالك) بنفسه أو ماله (متبرعا) بالعمل أو بمؤنته عن العامل، (بقي استحقاق العامل) كتبرع الأجنبي بأداء الدين.
تنبيه: لا يختص الحكم المذكور بالهرب، بل لو تبرع عنه بحضوره كان كذلك. وقوله: وأتمه المالك ليس بقيد، بل لو تبرع عنه بجميع العمل كان كذلك. والمالك أيضا ليس بقيد، فلو فعله أجنبي متبرعا عن العامل فكذلك سواء أجهله المالك أم علمه، ولا يلزم المالك إجابة الأجنبي المتطوع. وقد يفهم من قيد التبرع أنه لو عمل في مال نفسه ولم يقصد التبرع عنه لم يستحق العامل، وكذا لو تبرع الأجنبي عن المالك كما في الجعالة، ويحتمل أن يقال يستحق، ويفرق بينه وبين الجعالة باللزوم، وهذا هو (وإلا) بأن لم يوجد متبرع، الظاهر وإن قال السبكي الأقرب الأقرب الأول (استأجر الحاكم عليه) بعد رفع الامر إليه وثبوت كل من المساقاة وهرب العامل وتعذر طلبه كأن لم يعرف مكانه. (من يتمه) من مال العامل ولو كان ماله عقارا. وهل تجعل نفس الأرض أو بعضها أجرة، أو تباع ويجعل منها أجرة؟ يجب على الحاكم أن يفعل ما فيه المصلحة، فإن لم يكن له مال فإن كان بعد بدو الصلاح باع نصيب العامل كله أو بعضه بحسب الحاجة واستأجر بثمنه، وإن كان قبل بدو الصلاح سواء أظهرت الثمرة أم لا، اقترض عليه من المالك، أو أجنبي أو بيت المال إن لم يجد من يعمل بأجرة مؤجلة مدة إدراك الثمر لتعذر بيع بعضه وحده للحاجة إلى شرط قطعه وتعذره في الشائع واستأجر بما اقترضه ويقضيه العامل بعد زوال المانع، أو يقضيه الحاكم من نصيبه من الثمرة بعد بدو الصلاح، فإن وجد العمل بذلك استغنى عن الاقتراض وحصل الغرض. ولو استأجر الحاكم المالك أو أذن له في الانفاق فأنفق ليرجع رجع كما لو اقترض منه، ومتى تعذر الاقتراض وغيره قبل خروج الثمرة وبعد بدو صلاحها لم يفسخ المالك لأجل الشركة. ولا تباع الثمرة بشرط القطع لتعذر قطعها للشيوع إلا إن رضي المالك ببيع الجميع فيصح البيع، وقول الروضة هنا: وأن يشتري المالك نصيب العامل بغير شرط القطع، لأن لصاحب الشجر أن يشتري الثمر قبل بدو الصلاح بغير شرط القطع ضعيف، بل قال الزركشي: ما وقع في أصل الروضة هنا سبق قلم. وإن كان ذلك قبل خروج الثمرة فله الفسخ وللعامل أجرة ما عمل.
تنبيه: يستأجر الحاكم أيضا إذا كان العامل حاضرا وامتنع من العمل كما قاله صاحب المعين اليمني. وظاهر كلام المصنف أنه يكتري وإن كانت المساقاة واردة على العين، والذي جزم به صاحب المعين اليمني والنشائي المنع في الواردة على العين لتمكن المالك من الفسخ، وهذا هو الظاهر. وقولهم: استقرض واكترى عنه يفهم أنه ليس له أن يساقي عنه، وهو كذلك. (فإن لم يقدر) أي المالك (على) مراجعة (الحاكم) إما لكونه فوق مسافة العدوي أو حاضرا ولم يجبه إلى ما التمسه، (فليشهد على) العمل بنفسه أو (الانفاق إن أراد الرجوع) بما يعمله أو ينفقه، لأن الاشهاد حال العذر كالحكم، ويصرح في الاشهاد بإرادة الرجوع، فإن لم يشهد كما ذكر فلا رجوع له وإن لم يمكنه الاشهاد فلا رجوع له أيضا لأنه
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429