مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٧
فقط أو من أشجار ومغارسها فقط فإنه لا شفعة على الأصح لأن الأرض هنا تابعة. قال السبكي: وينبغي أن تكون صورة المسألة حيث صرح بدخول الأساس والمغرس في البيع وكانا مرئيين قبل ذلك، فإنه إذا لم يرهما وصرح بدخولهما لم يصح البيع في الأرض. فإن قيل: كلامهم في البيع يقتضي أنه إذا قال: بعتك الجدار وأساسه أنه يصح وإن لم ير الأساس. أجيب بأن المراد بذلك الأساس الذي هو بعض الجدار كحشو الجبة، أما الأساس الذي هو مكان البناء فهو عين منفصلة لا تدخل في البيع عند الاطلاق على الأصح، فإذا صرح به اشترط فيه شروط المبيع. قال الأسنوي:
واحترز بقوله: تبعا عما إذا باع أرضا وفيها شجرة جافة شرطا دخولها في البيع، فإنه لا يؤخذ بالشفعة لأنها لم تدخل بالتبع بل بالشرط. (وكذا ثمر لم يؤبر) تثبت فيه تبعا للأرض، (في الأصح) لأنه يتبع الأصل في البيع فيتبعه في الاخذ قياسا على البناء والغراس ولو لم يتفق الاخذ لها حتى أبرت لدخولها في مطلق البيع. والثاني: لا، لأنه لا يراد به التأبيد.
وعلى الأول لا فرق بين إن انقطع أم لا، وكذا كل ما دخل في البيع ثم انقطعت تبعيته فإنه يؤخذ بالشفعة، كما لو انفصلت الأبواب بعد البيع، ويأخذ الشفيع الشجر بثمرة حدثت بعد البيع ولم تؤبر عند الاخذ لأنها قد تبعت الأصل في البيع فتبعته في الاخذ، بخلاف ما إذا أبرت عنده فلا يأخذها لانتفاء التبعية. أما المؤبرة عند البيع إذا دخلت بالشرط فلا تؤخذ لما سبق من انتفاء التبعية فتخرج بحصتها من الثمن: كالزرع والجزة الظاهرة التي لا تدخل في مطلق البيع مما يتكرر، ويبقى كل ما لا يأخذه من ثمرة وزرع وجزة إلى أوان الجذاذ. (ولا شفعة في حجرة بنيت على سقف غير مشترك) بأن اختص به أحد الشريكين فيها أو غيرهما، إذ لا أرض لها، فهي كالمنقولات. (وكذا) سقف (مشترك في الأصح) لأن السقف الذي هو أرضها لا ثبات له أيضا. والثاني: يجعله كالأرض. ولو كان السفل مشتركا بين اثنين والعلو لأحدهما فباعه ونصيبه من السفل، فالشفعة في نصيبه من السفل لا في العلو لأنه لا شركة له فيه، وهكذا لو كانت الأرض مشتركة وفيها أشجار لأحدهما فباعه مع نصيبه منها، فالشفعة في الأرض بحصتها من الثمن لا في الشجر. (وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى) أي طاحونة صغيرين لا يجئ منهما حمامان وطاحونتان كما ذكره في باب القسمة، (لا شفعة فيه في الأصح) هذا الخلاف مبني على ما مر من أن علة ثبوت الشفعة دفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق إلخ، والثاني: مبني على أن العلة دفع ضرر الشركة فيما يدوم. وكل من الضررين حاصل قبل البيع، ومن حق الراغب فيه من الشريكين أن يخلص صاحبه منهما بالبيع له، فإذا باع لغيره سلطه الشرع على أخذه منه لما روى مسلم عن جابر:
قضى رسول الله (ص) بالشفعة في كل شركة (لم تقسم) ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
تنبيه: المراد بإمكان القسمة أن يكون في الأرض دون الآلات كحجر الطاحون فإنه لا يمكن قسمه حجرين، وعبر في المحرر بالطاحونة فعدل المصنف إلى الرحى، وهما مترادفان كما قاله الجوهري. قال السبكي: ولا أدري بأي معنى عدل عن عبارة المحرر، وفي بلادنا أن الطاحون يطلق على المكان والرحى على الحجر، ومن المعلوم أن الحجر ليس المراد هنا فإنه منقول، والشفعة إنما تثبت فيه تبعا للمكان، فالمراد المكان المعد للطحن اه‍. قال ابن شهبة: فتعبير المحرر أولى. ويثبت لمالك عشر الدار الصغيرة إن باع مالك تسعة الأعشار نصيبه لأنه لو طلب من مالك العشر القسمة أجبر عليها، بخلاف ما لو باع مالك العشر نصيبه فإن الشفعة لا تثبت للآخر لأمنه من القسم، إذ لا فائدة فيها فلا يجاب طالبها لتعنته. ولو باع نصيبه من أرض تنقسم وفيها بئر ماء لا تنقسم ويسقى منها ثبتت الشفعة في الأرض دون البئر ، بخلاف الشجر النابت في الأرض لأنه ثابت في محل الشفعة والبئر مباينة عنه. ثم شرع في بيان الركن الثاني، وهو الاخذ، فقال: (ولا شفعة إلا لشريك) في رقبة العقار، فلا تثبت للجار لخبر البخاري المار، ولا للشريك في غير رقبة العقار كالشريك في المنفعة فقط كأن ملكها بوصية، ولو قضى بالشفعة للجار حنفي لم ينقض حكمه، ولو كان
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429