بمجرد تعديه بالخلط. وأطال الكلام في ذلك. وقال الزركشي: إذا قلنا إنه كالتالف ويملكه الغاصب فلا يتصرف فيه وهو محجور عليه فيه حتى يعطي المالك بدله أه. وهو كما قال ابن شهبة ظاهر، قال: ولم أره لغيره.
تنبيه: قضية إطلاقهم أن خلط الدراهم بمثلها بحيث لا تتميز هلاك، وهو كذلك كما قاله بعض المتأخرين، وهو أوجه من قول ابن الصباغ وغيره إنهما يشتركان، والفرق بأن كل درهم متميز في نفسه بخلاف الزيت ونحوه منتقض بالحبوب. ولو اختلط الزيتان أو نحوهما بانصباب ونحوه كصب بهيمة أو برضا مالكهما فمشترك لعدم التعدي، فإن كان أحدهما أراد إجبار صاحبه على قبول المختلط، لأن بعضه عين حقه وبعضه خير منه لا صاحب الأجود، فلا يجبر على ذلك، فإن أخذ منه فلا أرش له لعدم التعدي، وإلا بيع المختلط وقسم الثمن بينهما بنسبة القيمة، فإن أراد قسمة غير المتفاضلين في القيمة على نسبة القيمة لم يجز للتفاضل في الكيل ونحوه. أما لو خلط المغصوب بغير جنسه كالزيت بالشيرج ودقيق الحنطة بدقيق الشعير، فإن تراضيا على الدفع منه أو ببيعه وقسمة ثمنه جاز، لأن الحق لا يعدوهما، ولان التفاضل جائز مع اختلاف الجنس، وإن امتنع أحدهما لم يجبر الممتنع، لأنه كالهالك فلا يلزم الغاصب ببذل ما لم يجب عليه ولا المغصوب منه بقبول ما لم يجب له فيغرم المثل، وقيل: يباعان ويقسم الثمن على نسبة القيمتين ولو لم يكن غصب، كأن انصب أحدهما على الآخر فمشترك بينهما لما مر. ولو غصب زيتين أو نحوهما من اثنين فأكثر وخلطهما، قال ابن المقري:
فهو كما لو غصب زيتا وخلطه بزيته، وهو مقتضى كلام أصله. وقال البلقيني: المعروف عند الشافعية أنه لا يملك شيئا عنه ولا يكون كالهالك، وهذا أوجه، ومما يؤيده كما قال شيخي ما نقل عن فتاوى المصنف أنه لو غصب دراهم من جماعة وخلطها ودفع لكل منهم قدر حقه جاز له أخذه والتصرف فيه، وإن دفع لأحدهم فقط صار مشتركا بين الجميع.
وفرق بينه وبين ما إذا خلطه بمال نفسه بأنه تبع للملوك له فاستتبع، بخلاف مال الأجنبيين لا أولوية لأحدهما على الآخر.
(ولو غصب خشبة) مثلا (وبنى عليها) في ملكه أو غيره كمنارة مسجد، (أخرجت) أي بلزومه إخراجها وردها إلى مالكها إن لم تتعفن، ولو تلف عليه بسبب الاخراج أضعاف ما قيمتها لتعديه، وعليه أرش نقصها إن حدث فيها نقص وأجرة مثلها إن مضت مدة لمثلها أجرة، أما إذا تعفنت بحيث لو أخرجت لم يبق لها قيمة فهي كالتالفة. (ولو أدرجها) أي الغاصب (في سفينة فكذلك) أي يلزمه ما مر إلا أن تتعفن، (إلا أن يخاف) من إخراجها من السفينة (تلف نفس أو مال معصومين) ولو للغاصب، كأن كانت السفينة في اللجة والخشبة في أسفلها فإنها لا تنزع، وإنما لم تنزع لأنها لا تدوم في البحر فيسهل الصبر إلى الشط، أي وتؤخذ القيمة للفرقة أو نحوه كرقراق بخلاف هدم البناء لرد اللوح، بل يأخذ القيمة للحيلولة إلى تيسر النزع. وخرج بالمعصومين نفس الحربي وماله، وبالخوف المذكور ما لو كانت السفينة على الأرض أو مرساة على الشط أو نحوه، أو كانت الخشبة في أعلاها. قال الأسنوي: وينبغي أن يلحق بالتلف ما يبيح التيمم، قال الولي العراقي: إلا الشين، وجرى عليه الزركشي. والأوجه عدم الاستثناء في الآدمي كما يؤخذ من قولهم ولو خاط شيئا بمغصوب لزمه نزعه منه ورده إلى مالكه إن لم يبل، وإلا فالهالك لا من جرح حيوان محترم يخاف بالنزع هلاكه، أو ما يبيح التيمم فلا يجوز نزعه منه لحرمته إلا أنه لا يؤثر ذلك الشين في غير الآدمي بخلاف الآدمي كما في التيمم.
ولو شد بمغصوب جبيرة كان كما لو خاط به جرحه، ذكره المتولي. ولا يذبح لنزعه مأكول ولا غيره ولو كان للغاصب، للنهي عن ذبح الحيوان لغير أكله ويضمنه لأنه أحال بينه وبين مالكه. ولو خاط به الغاصب جرحا لآدمي بإذنه فالقرار عليه ولو جهل الغصب، كما لو قرب له طعاما مغصوبا فأكله، وينزع الخيط المغصوب من الميت ولو آدميا، وإنما لم ينزع في الحياة لحرمة الروح. وينزع من حي غير محترم كمرتد وزان محصن وكلب لا ينتفع به. وحيث لا يجوز نزعه يجوز غصبه له ابتداء ليخاط به جرحه إن لم يوجد خيط حلال، وحيث يجوز نزعه لا يجوز غصبه ليخاط به الجرح. (ولو وطئ) الغاصب الأمة (المغصوبة عالما بالتحريم) لوطئها مختارا، (حد) لأنه زنا، سواء أكانت عالمة أم جاهلة. نعم الأب ونحوه