مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
نوعا ونهى عن غيره اتبع، صرح به في المحرر. (أو) أعاره أرضا (لشعير) يزرعه فيها (لم يزرع فوقه كحنطة) لأن ضررها أعظم من ضرره، فإن خالفه وزرع ما ليس له زرعه كأن أذن في البر فزرع الذرة جاز للمعير قلعه مجانا، فلو مضت مدة لمثلها أجر فهل يلزمه أجرة المثل أو ما بين زراعة البر وزراعة الذرة؟ احتمالان: أوجههما كما يؤخذ من قول المتولي:
فإن فعل فكالغاصب الأول، وبه جزم في الأنوار.
تنبيه: تنكير المصنف للحنطة والشعير يوهم أنه إذا أشار إلى شئ معين منهما وأعاره لزراعته جواز الانتقال عنه كما هو الصحيح في الإجارة، والمتجه كما قال الأسنوي هنا منعه ولهذا عرفها في المحرر. وصرح في الشعير بما لا يجوز بقوله: لم يزرع فوقه، وفي الحنطة بما يجوز بقوله: ومثلها لدلالة كل منهما على الآخر. (ولو أطلق) المعير (الزراعة) أي الاذن فيها كقوله: أعرتك للزراعة أو لتزرعها، (صح) عقد الإعارة (في الأصح، ويزرع ما شاء) لاطلاق اللفظ. والمراد كما قال الأذرعي: أن يزرع ما شاء مما اعتيد زرعه هناك ولو نادرا حملا للاطلاق على الرضا بذلك. والثاني: لا يصح لتفاوت ضرر المزروع. قال الشيخان: ولو قيل يصح ويقتصر على أخفها ضررا لكان مذهبا، ورده البلقيني بأن المطلقات إنما تنزل على الأقل إذا كان بحيث لو صرح به لصح، وهذا لو صرح به لم يصح لأنه لا يوقف على حد أقل الأنواع ضررا فيؤدي إلى النزاع، والعقود تصان عن ذلك.
تنبيه: مثل ما ذكره المصنف بل أولى ما أعاره ليزرع ما شاء لأنه عام لا مطلق. (وإذا استعار لبناء أو) لغرس (غراس فله الزرع) إن لم ينهه لأنه أخف. وقيل: لا، لأنه يرخي الأرض، فإن نهاه لم يفعله. (ولا عكس) أي إذا استعار للزرع فلا يبني ولا يغرس لأن ضررهما أكثر ويقصد بهما الدوام. (والصحيح) وفي الروضة: الأصح، (أنه لا يغرس مستعير لبناء وكذا العكس) أي لا يبني مستعير لغراس لاختلاف الضرر، فإن ضرر البناء في ظاهر الأرض أكثر من باطنها، والغراس بالعكس لانتشار عروقه. والثاني: يجوز ما ذكر لأن كلا من الغراس والبناء للتأييد.
تنبيه: موضع المنع في الغراس ما يراد للدوام. أما ما يغرس للنقل في عامه، ويسمى الفسيل بالفاء وهو صغار النخل، فكالزرع كما نقله الرافعي عن الجويني. قال السبكي: وسكتوا عن البقول ونحوها مما يجز مرة بعد أخرى، ويحتمل إلحاق عروقه بالغراس كما في البيع إلا أن يكون مما ينقل أصله فيكون كالفسيل الذي ينقل. (و) الصحيح (أنه لا تصح إعارة الأرض مطلقا، بل يشترط تعيين نوع المنفعة) من زرع أو غيره قياسا على الإجارة. والثاني: تصح، واختاره السبكي، قال: ولا يضر الجهل لأنه يحتمل فيها ما لا يحتمل في الإجارة. ونقل ابن الرفعة الصحة عن العراقيين، وجزم به جماعة من الخراسانيين، فالخلاف قوي مع أن كلام المصنف يقتضي ضعفه. وعلى الأول: لو قال: أعرتكها لتنتفع بها كيف شئت أو بما بدا لك، ففي الصحة وجهان: أصحهما كما في المطلب الصحة، وقال السبكي: ينبغي القطع به، وقد صحح الشيخان في نظيره من الإجارة الصحة. والعارية به أولى، وعلى هذا فقيل: ينتفع بها كيف شاء، وقيل: ينتفع بما هو العادة في المعار.
قال الرافعي: وهو أحسن اه‍. وهو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري في روضه. قال الرافعي: والوجه القطع بأن إطلاق الإعارة لا يسلط على الدفن لما فيه من ضرر اللزوم تنبيه: ذكر المصنف الأرض مثال لما ينتفع به بجهتين فأكثر كالدابة تصلح للركوب والحمل، أما ما ينتفع به بوجه واحد كالبساط الذي لا يصلح إلا للفراش فلا حاجة في إعارته إلى بيان لكونه معلوما بالتعيين. ثم شرع في الحكم الثالث وهو الجواز مترجما له بفصل، فقال:
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429