مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
إلى هواء ملكه الخالص أو المشترك امتنع مالكها من تحويلها، وله قطعها ولو بلا إذن قاض إن لم يمكن تحويلها، ولا يصح الصلح على بقاء الأغصان بمال، فإن اعتمدت على الجدران صح الصلح عنها يابسة لا رطبة لزيادتها فلا يعرف قدرها وثقلها وانتشار العروق في أرضه كانتشار الأغصان في هواء ملكه، وكذا ميل الجدار إلى هواء الدار. قال في المطلب: وليس له إذا تولى القطع والهدم بنفسه طلب أجرة على ذلك. قال: ولو دخل الغصن المائل إلى هواء ملكه في برنية ونبت فيها أترجة وكبرت قطع الغصن والأترجة لتسلم البرنية لاستحقاق قطعهما قبل ذلك، قاله الماوردي والروياني، ثم قالا: وهذا بخلاف ما لو بلع حيوان غيره جوهرة فإنه لا يذبح لأن له حرمة. (ولو تنازعا) أي اثنان (جدارا بين ملكيهما، فإن اتصل ببناء أحدهما بحيث يعلم أنهما بنيا معا) كأن دخل نصف لبنات كل منهما في الآخر أو بنى الجدار على خشبة طرفها في ملكه وليس منها شئ في ملك الآخر، أو كان له عليه أزج وهو العقد قد أميل من مبتدأ ارتفاعه عن الأرض، (فله اليد) عليه، وعلى الخشبة المذكورة لظهور أمارة الملك بذلك، فيحلف ويحكم له به إلا أن تقوم بينة بخلافه. ولو كان الجدار مبنيا على تربيع أحد الملكين زائدا أو ناقصا بالنسبة إلى ملك الغير فهو كالمتصل بجدار أحدهما اتصالا لا يمكن إحداثه، ذكره في التنبيه وأقره المصنف في تصحيحه.
تنبيه: قال الأسنوي: قول المصنف إنهما بكسر الهمزة لأن حيث لا تضاف إلا إلى جملة. ورد بأن حيث هنا مضافة إلى يعلم، وأن إذا وقعت بعد العلم تكون مفتوحة. (وإلا) أي وإن لم يحصل الاتصال المذكور بأن كان منفصلا من جدارهما أو متصلا بهما اتصالا يمكن إحداثه أو لا يمكن، أو متصلا بأحدهما اتصالا لا يمكن إحداثه بأن وجد الاتصال في بعضه، أو أميل الازج الذي عليه بعد ارتفاعه، أو بني الجدار على خشبة طرفاها في ملكيهما. (فلهما) اليد عليه لعدم المرتهن. وعبارة المحرر والروضة وأصلها: فهو في أيديهما، وذلك أولى من عبارة المصنف فليتأمل.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يحصل الترجيح بغير ذلك فلا ترجيح بالنقش بظاهر الجدار كالصور والكتابات المتخذة من جص أو آجر أو غيره، ولا بالجذوع كما سيأتي، ولا بتوجيه البناء وهو جعل إحدى جانبيه وجها كأن يبني بلبنات مقطعة ويجعل الأطراف الصحاح إلى جانب ومواضع الكسر إلى جانب، ولا بمعاقد القمط بكسر القاف وإسكان الميم وبضمهما، لكنه بضمهما جمع قماط، والمراد به معنى قمط، وهو حبل رقيق يشد به الجريد ونحوه. وإنما لم يرجح بهذه الأشياء لأن كون الجدار بين الملكين علامة قوية في الاشتراك، فلا يغير بأسباب ضعيفة معظم القصد بها الزينة كالتجصيص والتزويق. (فإن أقام أحدهما بينة) أنه له (قضي له) به، لأن البينة مقدمة على اليد وتكون العرصة تبعا على الأصح. (وإلا) أي وإن لم يكن لأحدهما بينة أو أقامها كل منهما، (حلفا) أي حلف كل منهما على نفي استحقاق صاحبه للنصف الذي في يده، ولا يلزمه أن يتعرض لاثباته كما نقله الشيخان عن النص. وأنه مستحق النصف الذي بيد صاحبه، لأن كل واحد منهما مدعى عليه ويده على النصف، فالقول قوله فيه كالعين الكاملة. وقيل: يحلف كل منهما على الجميع لأنه يدعيه. (فإن حلفا أو نكلا) عن اليمين، (جعل) الجدار (بينهما) بظاهر اليد فينتفع كل به مما يليه على العادة. (وإن حلف أحدهما) ونكل الآخر كما في المحرر، (قضي له) أي بالكل. وتتضح مسألة الحلف بما ذكروه في الدعاوي والبينات، وهو أنه إذا حلف من بدأ القاضي بتحليفه ونكل الآخر بعده حلف الأول اليمين المردودة ليقضي له بالجميع، وإن نكل الأول ورغب الثاني في اليمين فقد اجتمع عليه يمين النفي للنصف الذي ادعاه صاحبه، ويمين الاثبات للنصف الذي ادعاه هو، فهل تكفيه الآن يمين واحدة يجمع فيها النفي والاثبات أم لا بد من يمين للنفي وأخرى للاثبات؟ وجهان أصحهما الأول، فيحلف أن الجميع له ولا حق لصاحبه فيه، أو يقول لا حق له في النصف الذي يدعيه والنصف الآخر لي. (ولو كان لأحدهما عليه جذوع لم يرجح) بذلك، لأنها لا تدل على الملك، لأنها تشبه
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429