مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
القسمة. (وليس له إجبار شريكه على العمارة في الجديد) ولو بهدم الشريكين للمشترك لاستهدام أو لغيره، كما لا يجبره على زراعة الأرض المشتركة، ولان الممتنع يتضرر أيضا بتكليفه العمارة، والضرر لا يزال بالضرر. نعم يجبر في الأرض على إجارتها على الصحيح، وبها يندفع الضرر القديم، ونص عليه في البويطي الاجبار صيانة للاملاك المشتركة عن التعطيل، وأفتى بهذا ابن الصلاح، واختاره الغزالي، وصححه جماعة. وقيل: إن القاضي يلاحظ أحوال المتخاصمين، فإن ظهر له أن الامتناع لغرض صحيح أو شك في أمره لم يجبره وإن علم أنه عناد أجبره. قال في الروضة: ويجري ذلك في النهر والقناة والبئر المشتركة واتخاذ سترة بين سطحيهما وإصلاح دولاب بينهما تشعث إذا امتنع أحدهما من التنقية أو العمارة. ولو هدم الجدار المشترك أحد الشريكين بغير إذن الآخر لزمه أرش النقص لا إعادة البناء، لأن الجدار ليس مثليا، وعليه نص الشافعي في البويطي وإن نص في غيره على لزوم الإعادة. ولا يجبر أحد الشريكين على سقي النابت من شجر وغيره كما صرح به القاضي وغيره خلافا للجوزي، ولا إعادة السفل لينتفع به صاحب العلو، فلو كان علو الدار لواحد وسفلها لآخر وانهدمت فليس للأول إجبار الثاني على إعادة السفل، ولا للثاني إجبار الأول على معاونته في إعادته.
والسفل والعلو بضم أولها وكسره. (فإن أراد) الشريك (إعادة منهدم بآلة لنفسه لم يمنع) ليصل إلى حقه بذلك.
واعترض القاضي أبو الطيب وابن الصباغ بذلك، فقالا: أساس الجدار مشترك فكيف جوزتم بناءه بآلة نفسه وأن ينتفع به بغير إذن شريكه وقال السبكي: العرصة مشتركة، ولا حق لأحدهما على الآخر في الاستبداد بها، ولا سيما وهو يمكنه المقاسمة، فإن الصحيح جواز المقاسمة في ذلك بالتراضي عرضا في كمال الطول وبها يندفع الضرر اه‍. وصور صاحب التعليقة على الحاوي المسألة بما إذا كان الاس للباني وحده، وجرى عليه البارزي وصاحب الأنوار، والمنقول ما في المتن. وأجيب عما ذكر بأن له حقا في الحمل فكان له إعادة الجدار لأجله. وقضيته أنه إذا لم يكن عليه بناء ولا جذوع لا يكون له إعادته مع أن ظاهر كلامهم الاطلاق، وهو المعتمد وإن كان مشكلا. (ويكون المعاد ملكه يضع عليه ما شاء وينقضه إذا شاء) لأنه بآلته ولا حق لغيره فيه. نعم لو كان لشريكه عليه جذع خير الباني بين تمكين الشريك من إعادته ونقض بناءه ليبني معه الآخر ويعيد جزعه. (ولو قال الآخر لا تنقضه وأغرم لك حصتي) أي قيمة ما يخصني، (لم يلزمه إجابته) على الجديد كابتداء العمارة. أما على القديم وهو لزوم العمارة فعليه إجابته. ولو عمر البئر أو النهر لم يمنع شريكه من الانتفاع بالماء لسقي الزرع وغيره وله منعه من الانتفاع بالدولاب والآلات التي أحدثها.
(وإن أراد إعادته بنقضه المشترك فللآخر منعه) كسائر الأعيان المشتركة. وأفهم كلام المصنف جواز الاقدام عليه عند عدم المنع، وقال في المطلب: إنه مفهوم كلامهم بلا شك. والنقض بكسر النون وضمها، وجمعه أنقاض قاله في الدقائق. (ولو تعاونا على إعادته) بأنفسهما أو بغيرهما (بنقضه عاد مشتركا كما كان) قبل إعادته، فلو شرطا زيادة لأحدهما لم يصح على الصحيح لأنه شرط عوض من غير معوض. (ولو انفرد أحدهما وشرط له الآخر زيادة جاز وكانت في مقابلة عمله في نصيب الآخر) وقد صور الرافعي ذلك بصورتين: إحداهما، وهي الأقرب إلى عبارة المصنف: أن يعيد ذلك بالنقض المشترك فيصير له الثلثان ويكون السدس في مقابلة عمله، ومحله إذا جعل له الزيادة من النقض والعرصة في الحال، فإن شرطه بعد البناء لم يصح لأن الأعيان لا تؤجل. الصورة الثانية: أن تكون الإعادة بآلته، فإذا شرط له الآخر السدس كما مر فقد قابل ثلث الآلة المملوكة له وعمله بسدس العرصة المبني عليها، ولا بد من العلم بالآلات وبصفات الجدران كما قاله الرافعي.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429