جامع الشتات (فارسي) - الميرزا القمي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٦
ليس بداخل فى مفهوم الحجر باحد من التعريفين. فكيف يدخل تحت قوله تعالى " لا يقدر على شيئ " الذى هو عبارة عن الحجر، حتى يستفاد منه جواز التملك باذن المولى. فيبطل الاستدلال بالاية على نفى التملك راسا. مع ان تقدير الاستثناء خلاف الاصل و محتاج الى الدليل. و ما دعاه الى ذلك الى جعله لفظ " لا يقدر على شيئ " بمعنى الحجر. وقد عرفت ما فيه.
نعم، نحن نسلم المقدمة القائلة بانه اذا اذن له المولى فيجوز له التصرف. و هو لا يستلزم التملك. بل المسلم انما هو جواز التصرف. و هذه المقدمة فى حكم استثناء منقطع منفصل، و ليس من باب الاستثناء المتصل الذى قدره فى الكلام، حتى يلزم ثبوت ما منع القدرة عليه على سبيل العموم. مع انه يمكن القدح فيه - على فرض التسليم - بان رفع السلب الكلى لا يستلزم الايجاب الكلى. بل يرتفع بالايجاب الجزئى. فلا يدل على المقصود. ولكن يمكن دفعه بان المفهوم ليس من باب التناقض، بل السلب والايجاب فيه متطابقان عموما و خصوصا. كما حققناه فى محله.
فالاولى الاقتصار على منع تقدير الاستثناء. فلم يبق الا ان يكون الاية مسبوقة لبيان اصل قصور العبد و عدم قابليته لشيئ من جملة ذلك التملك للمال. و هذا هو معنى السابق على الحجر الذى يترتب الحجر و عدمه عليه. والنكرة المنفية تفيد العموم، خرج ما خرج بالدليل، و بقى الباقى، و يشيده مقابلة القرينة الاخرى، اعنى " و من رزقناه رزقا حسنا " 1 يعنى " من رزقناه " فانه تدل على ان الرزق له من جانب الله، بخلاف العبد، فانه

١: الرزق: هو ما اعطاه الله تعالى عبده، من المال والعقل والايمان والتوفيق والصفات الجميلة و الشجاعة والسماحة و.... حتى النبوة. قال تعالى " قال يا قوم ارأيتم ان كنت على بينة من ربى و رزقنى رزقنا حسنا.... " اتفق المفسرون على ان المراد من الرزق فيها، النبوة.
والانفاق: هو الصرف والبذل، من المال والجهد والتفكير والقدرة البدنية، حتى من الشجاعة و بذل النفس فى الجهاد و كذا العفو. قال تعالى " وانفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة " فسروه بالجهاد والشهادة و بذل النفس فى سبيل الله.
فالانسان القوى ينفق و يصرف و يبذل و ينتفع سرا و علانية مما آتاه الله من قدرة الجسم والفكر والعقل والشجاعة و قوة النفس و سلامتها و....
ولعل كلمة " رزق " فى الاية دعى بعضهم (قدس سرهم) الى استفادة الحكم من الاية التى لا حكم فيها تاسيسيا كان او امضائيا.
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»
الفهرست