ثم لا يخفى على الفطن العارف أن المراد من الرضاء المذكور في الآية المتقدمة هو طيب النفس لا الرضاء بمعنى القصد والإرادة أو الملازم لهما، فإن ما هو شرط لصحة التجارة هو الأول، أما الثاني فإنه مقوم للعقد، فقد عرفت أن الله تعالى في مقام بيان الميز بين السبب الصحيح والسبب الباطل للمعاملات، ومع عدم تحقق العقد لا يبقي مجال لتقسيم أسباب المعاملات إلى الصحيح والفاسد.
أضف إلى ذلك أن العقد من الأمور القصدية المظهرة بمظهر خارجي فلا يعقل صدوره من غير القاصد، وعليه فلو كان المراد من الرضاء في الآية القصد والإرادة أو ما يلازمهما لكان ذكره فيها مستدركا، لأن كلمة التجارة المذكورة فيها تغني عن ذكر كلمة الرضاء، تعالى كلامه سبحانه عن ذلك علوا كبيرا، وعليه فالمراد من الرضاء في الآية الشريفة إنما هو طيب النفس لا القصد والإرادة.
ويحسن بنا توضيح ذلك اجمالا فنقول:
إن الأفعال الاختيارية الصادرة من الأشخاص المختارين إنما تستند إلى مقدمات طولية كلها موجودة في أفق النفس، منها التصور، ومنها التصديق بالفائدة، ومنها الميل، ومنها الشوق المؤكد المعبر عنه غالبا بالإرادة التي هي تأثير النفس في حركة العضلات، ولا شبهة في أن الفعل إذا عري عن القصد والاختيار لحق بالأفعال غير الاختيارية.
الفوائد المترتبة على الفعل الاختياري ثم إن الفائدة المترتبة على الفعل الاختياري على ثلاثة أقسام:
1 - الفائدة الخالصة المترتبة على الفعل الخارجي، وذلك كالربح المترتب على التكسب والاتجار، وكالتلذذ المترتب على أكل