مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٥٥
الضعيف، والا فلم تقو على تليينه - فضلا عن تسييله -.
ومن أسباب حدوث الحرارة الحركة أيضا، فاعتبر المثال وتدبر وتذكر تضاد الحقائق الأسمائية الأصلية المتوجهة إلى ايجاد العالم وقول الخراز انه عرف الله بجمعه بين الضدين، وتذكر أيضا الميل الإرادي الذي لوحت بسره، وكذلك التناسب والتنافر وحكميهما، وانظر حينئذ ما ادرج للالباء المتأملين في هذه الكلمات من غامضات الاسرار تعرف ما تضمنه هذا التلويح إن شاء الله، ومن المقام الذي هذا لسانه يطلع على علة دوران الأفلاك بالإرادة والقسر من حيث حكم الجمع الاحدى الذاتي الإلهي، وتعرف أيضا علة تأثير الكواكب باتصالاتها وانفصالاتها وحركاتها المختلفة وتلاقى أشعتها واختلاف التأثير بحسب الاجتماع والافتراق والتناسب والتنافر، وغاية كل ذلك وثمرته.
وعليك ان تتذكر أيضا حدوث الحرارة من الحركة وحدوث الحركة من الحرارة أولا، فان تفطنت لما سبقت الإشارة إليه في المثال المضروب وغيره عرفت سر ابراز الأفلاك والكواكب بالحركات والقوى والأرواح والأحوال والأشعة والنسب والمراتب والخواص آخرا، صورة ما كان سببا في وجودها وظهورها أولا. فترى المؤثرات في الشئ ظاهرا شاهدة بنفس تأثيرها فيه آخرا لمن كشف عنه غطاؤه، ان تأثيرها ذلك مسبوق بتأثرها ممن اثرت فيه من حيث تدرى ومن حيث لا تدرى، لكن من جهتين مختلفتين، فافهم. وتعرف أيضا ذوقا سر قوله تعالى: وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه (13 - الجاثية) وسر ظهور آدم بالصورة وسر الخلافة التي ظهر بها هو والكمل بعده عن الله، وسر قول الحلاج أيضا: ولدت أمي أباها ان ذا من أعجبات. كيف هو؟ ويصير بعد توهم استحالته عندك بديهيا أوليا.
ويكمل لك مشاهدة هذا السر في الانسان الذي هو اخر مولود من الأنواع، مع أنه إلى مرتبة كماله يستند العماء الذي هو أم الكتاب الأكبر والحضرة الجامعة للأسماء الإلهية
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست