مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٥١
الموجودات عن الحق سبحانه على نحو ما سبق الشروع فيه.
فنقول: ثم تعين بعد انبعاث اللوح عن القلم الاعلى - كما مر ذكره - في مرآة النفس الرحماني مرتبة الطبيعة من حيث ارتباطها وظهور حكمها في الأجسام وبها، وذلك في الهباء الأول المسمى عند بعضهم بالهيولي الكل وإليها تنتهى إحدى مراتب النكاح من وجه وباعتبار، ومن العرش إلى مقعر الفلك المكوكب الذي هو أحد وجهي الأعراف - أعني الوجه الذي يلي جهنم - ينتهى حكم النكاح الثاني من وجه أيضا - كما مر -.
ثم يتنزل الامر على الترتيب إلى النكاح الرابع العنصري حتى ينتهى إلى الرتبة الخامسة الجامعة المختصة بالانسان - كما سبق التلويح به -.
ثم للنكاحات أيضا تراكيب من هذه الأصول وتداخل ومزج، والظاهر اثره في المولود كان ما كان انما هو لأغلبها حكما فيه وأقواها نسبة به من حيث الناكح ومن حيثية النكاح، كما لوح به صلى الله عليه وآله في علة التذكير في المولود والتأنيث - بحسب غلبة ماء الرجل ماء المرأة وسبقه وعلوه وبالعكس - وهنا اسرار يطول ذكرها ويحرم كشفها. ومن استحضر ان ما ظهر في هذا الوجود العيني فإنما هو ظل ومثال لما سبق تعينه في الحضرات الروحانية والغيب الإضافي والحضرة العلمية، وتذكر خلق آدم على الصورة وخلق حواء منه، واعتبر نظائرهما كالعرش مع الكرسي واللوح مع القلم، تنبه لبعض المراد إن شاء الله.
ثم تعين بعد معقولية مرتبة الهباء معقولية مرتبة الجسم الكل، وأول صورة ظهر تعينها فيه صورة العرش المحيط، وانما قلت في الطبيعة والهباء والجسم الكل انه تعينت معقولية مراتبها ولم أقل ثم ظهرت الطبيعة ولا ثم ظهر الهباء - وكذا الجسم الكل - من أجل ان كل واحد من الثلاثة أمر غيبي كل لا تتعين له صورة في الخارج، فهو لا يزال غيبا، والحق سبحانه له الوجود البحت الواحد، فلا يظهر عنه الا وجود، ولا يمكن ان يتعلق قدرته بما لا وجود له في غيبه ليكون كذلك، فان كل معلوم لله، فهو كذلك، أي لا وجود له في غيبه، بل في علم موجده لا غير، وانما شأن القدرة اخراج الأشياء المعدومة من
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست