عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٣٨
وتأمل قول صاحب الجوهرة.
وأمام هذا الكلام يجب أن يتوقف العقل عن التفكير ويكف اللسان عن الكلام وإلا حاد عن طريق الفرقة الناجية وأصبح في عداد الهالكين.
ويقول ابن حنبل: والكف عن مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، تحدثوا بفضائلهم وأمسكوا عما شجر بينهم، ولا تشاور أحدا من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك. ولا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم. فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته. ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وجلده في المجلس حتى يتوب (1).
لقد اعتبر أهل السنة كل من يخرج عن هذا المنهج مبتدعا، يجب اعتزاله ومعاقبته، وها هو ابن حنبل يحرض السلاطين على ردع المخالفين من أصحاب العقول الذين يريدون فهم التاريخ وأحداثه كمقدمة لفهم دينهم.
وهذا نداء وجهه مجموعة من فقهاء النفط إلى المسلمين يطالبون فيه المسلمين بالسمع والطاعة للحكام، عدلوا أو جاروا ما أقاموا الصلاة وإقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا. متبرئين فيه من الخوارج والمعتزلة الذين يرون الخروج على الأئمة، بمجرد الجور والمعصية.
داعين إلى التمسك بسنة الخلفاء الراشدين محذرين من البدع ومحدثات الأمور (2).
لقد أدت هذه القواعد السلفية الجامدة إلى تكبيل العقل المسلم وتعطيله عن القيام بدوره الذي خلق من لأجله وهو التفكير والتدبر والبحث والتأمل (3).
ولا شك أن الاعتقاد بصواب موقف عائشة وطلحة والزبير وعثمان ومعاوية سوف يؤدي بلا شك إلى تمييع فكرة الحق في نفوس المسلمين وتسطيحها.

(1) ابن حنبل، السنة وعقيدة أهل السنة والجماعة.
(2) نداء من علماء البلد الحرام في معتقد أهل الإسلام ط. السعودية.
(3) أنظر لنا العقل المسلم.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست