عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٣٦
وتخوف المسلم من الخوض في تفاصيلها ومعرفة دوافعها وأبعادها. وصورت هذا الأمر على أنه مهلكة من الممكن أن تدمر عقيدة المسلم وتنقله من الصراط المستقيم إلى أصحاب الجحيم. وقد اعتبر صاحب العواصم أن السكوت عن هذه الخلافات والصراعات بمثابة عاصمة والخوض فيها بمثابة قاصمة، فكتابه مجموعة من العواصم تقي المسلم من القواصم.
ولقد دخل أمر السكوت عن هذه الأحداث في صلب الاعتقاد، بحيث أصبح المساس بها وبالشخصيات التي ارتبطت بها يعتبر مساسا بالعقيدة.
تقول العقيدة الطحاوية: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس، فقد برئ من النفاق.. وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
وتقول العقيدة الواسطية: ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم مراتبهم، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار.. ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه الصحيح منه، هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون.
وهم مع ذلك لا يعتقدون إن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل لا يجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر. حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست