النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٧
الحساب وخروج الناس من قبورهم عراة حفاة، وكون كل نفس معها سائق وشهيد، وأحوال الناس في الجنة وتباين طبقاتهم وكيفية نعيمها من المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكذا أحوال النار وكيفية العقاب فيها وأنواع آلامها على ما وردت بذلك الآيات والأخبار الصحيحة، وأجمع عليه المسلمون لأن ذلك جميعه أخبر به الصادق مع عدم استحالته في العقل فيكون حقا وهو المطلوب.
قال: (ووجوب التوبة).
أقول: التوبة هي الندم على القبيح في الماضي والترك له في الحال، والعزم على عدم المعاودة إليه في الاستقبال، وهي واجبة لوجوب الندم إجماعا على كل قبيح وإخلال بواجب ولدلالة السمع على وجوبها ولكونها دافعة للضرر، ودفع الضرر وإن كان مظنونا واجب، فيندم على القبيح لكونه قبيحا لا لخوف النار ولا لدفع الضرر عن نفسه وإلا لم تكن توبة.
ثم اعلم: أن من الذنب إما في حقه تعالى أو في حق آدمي، فإن كان في حقه تعالى فإما من فعل قبيح فيكفي منه الندم والعزم على عدم المعاودة، أو من إخلال بواجب فإما أن يكون وقته باقيا فيأتي به وذلك هو التوبة منه، أو خرج وقته أن يسقط بخروج وقته كصلاة العيدين فيكفي الندم والعزم على عدم المعاودة أو لا يسقط فيجب فضاؤه، وإن كان في حق آدمي فأما أن يكون إضلالا في دين بفتوى [خطيئة] فالتوبة إرشاده وإعلامه بالخطأ، أو ظلما لحق من الحقوق فالتوبة منه إيصاله إليه أو إلى وارثه أو (الاتهاب)، وإن تعذر عليه ذلك فيجب العزم عليه.
قال: (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بشرط أن يعلم الأمر والناهي كون المعروف معروفا والمنكر منكرا وأن يكونا مما سيقعان، فإن الأمر بالماضي والنهي عنه عبث، وتجويز التأثير، والأمن من الضرر).
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 » »»
الفهرست