مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
لا تنافى بينهما خصوصا مع كون القيد جار مجرى الغالب بل ربما يستشعر من بعض الأخبار ان توصيف الأرض التي باد أهلها بالخراب لكونه لازما عاديا لها لا لمدخليته في صيرورتها من الأنفال كخبر عبد الله بن سنان المروى عن تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الأنفال قال هي القرى التي قد جلا أهلها وهلكوا فخربت فهي الله وللرسول وكيف كان فالذي يقوى في النظر ان كل ارض ليس لها ما لك بالفعل هي نفل سواء كانت ميتة أو محياة وسواء كانت مسبوقة بملك أحد أم لم تكن كما يؤيد ذلك المستفيضة المتقدمة في صدر الكتاب الناطقة بان الأرض كلها لهم هذا مع أنه لا يترتب على هذا التعميم ثمرة مهمة بالنسبة إلى الأرض العامرة التي باد أهلها بعد ما ستعرف من أن الإمام عليه السلام وارث من لا وارث اللهم الا ان نلتزم باختلاف العنوانين من حيث المصرف كما سيأتي التكلم فيه نعم ربما يثمر في المحياة التي لم تدخل في ملك أحد فان مقتضى ما ذكر ناه كونها من الأنفال فيجرى عليها احكامها وان خصصنا الأنفال بالأرضين الموات كما يظهر من فتاوى الأصحاب فتلحق بالمباحات الأصلية فليتأمل ثم إن ما في اخبار الباب من جعل الأرض التي لا رب لها قسيما للأرض الموات وكذا الأرض الخراب أو الأرض التي باد أهلها قسما اخر مقابلا لهما انما هو بملاحظة المباينة الجزئية المتحققة بين المفاهيم التي ينصرف إليها إطلاق هذه العناوين فكأنه أريد بالأرض التي لا رب لها في الروايات التي جعلت قسيما للأرض التي باد أهلها الأراضي التي لم يجر عليها ملك أحد سواء كانت عامرة أو مواتا والله العالم ومنها رؤس الجبال وما يكون بها من النبات والأشجار والأحجار ونحوها وكذا بطون الأودية والآجام وما يكون فيهما من معدن أو نبات أو غير ذلك والمرجع في تشخيصها العرف والآجام كما في الروضة وغير ها بكسر الهمزة وفتحها مع المد جمع أجمة بالتحريك وهى الأرض المملوءة من القصب ونحوه والمراد بنحوه سائر الأشجار لا خصوص ما كان من الأشياء القصب كما هو صريح بعض حيث قال في تفسيرها هي الأراضي المملوءة من القصب وسائر الأشجار ثم قال والمراد منها ما يقال بالفارسية بيشه وفي شرح القاموس أيضا فسرها بهذه الكلمة فالأرض المملوءة من سائر الأشجار كأنها أظهر مصاديقها كما ربما يؤيد ذلك ما تسمعه من كلمات اللغويين من تفسيرها بالشجر الملتف وعن المدقق الخوانساري في حاشيته على الروضة قال مشيرا إلى التفسير المذكور انه هو المعروف في معناها وفي القاموس انها الشجر الكثير الملتف وكأنه سقط منه لفظ ذات انتهى أقول ولكن يبعد احتمال السقط في عبارة القاموس وقوع هذا التفسير في كلام غيره أيضا ففي مجمع البحرين قال الأجمة كقصبة الشجر الملتف والجمع اجمات كقصبات واجم كقصب والآجام جمع الجمع انتهى وعن المصباح المنير نحوه فلعله من مسامحاتهم في التعبير وكيف كان فما ذكره الأصحاب في تفسيرها أوثق خصوصا بالنسبة إلى ما أريد بها من اخبار الباب وفتاوى الأصحاب ويدل على كون هذه الثلاثة من الأنفال مضافا إلى اندراجها غالبا في الأرضين الموات فيعمها أدلتها خصوص قوله عليه السلام في مرسلة حماد المتقدمة وله رؤس الجبال وبطون الأودية والآجام الحديث وخبر داود بن فرقد المروى عن تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال قلت وما الأنفال قال بطون الأودية ورؤس الجبال والآجام والمعادن وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل ارض ميتة قد جلى أهلها وقطائع الملوك وعنه أيضا بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال لنا الأنفال قلت وما الأنفال قال منها المعادن والآجام وكل ارض لا رب لها وكل ارض باد أهلها فهو لنا وعن المفيد في المقنعة عن محمد بن مسلم قال في حديث وسألته عن الأنفال فقال كل ارض خربه أو شئ كان يكون للملوك وبطون الأودية ورؤس الجبال وما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكل ذلك للامام خالصا وفي مرفوعة أحمد بن محمد بعد ان ذكر اختصاص ما كان من فتح لم يقاتل عليه بالامام عليه السلام قال وبطون الأودية ورؤس الجبال والموات كلها هي له الحديث وفي صحيحة حفص بن البختري المتقدمة عد منها بطون الأودية وكذا في صحيحة محمد بن مسلم أو حسنة وما في الأخبار المتقدمة من ضعف السند مجبور بما عرفت مع أن بعضها صحيحة واختصاص مورد ها ببعض الثلاثة وهو بطون الأودية غير ضائر بعد عدم القول بالفصل اللهم الا ان يناقش فيه بما سنشير إليه وفي المدارك قال في شرح العبارة واطلاق النص و كلام أكثر الأصحاب تقتضي اختصاصه عليه السلام بهذه الأنواع الثلاثة من أي ارض كانت ومنع ابن إدريس من اختصاص الإمام عليه السلام بذلك على الاطلاق بل قيده بما يكون في موات الأرض أو الأرضين المملوكة للإمام ورده الشهيد (ره) في البيان بأنه يفضى إلى التداخل وعدم الفائدة ذكر اختصاصه بهذين النوعين وهو جيد لو كانت الاخبار المتضمنة لاختصاصه عليه السلام بذلك على الاطلاق صالحة لاثبات الحكم ولكنها ضعيفة السند فيتجه المصير إلى ما ذكره ابن إدريس قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق انتهى أقول القائلون بان هذه الثلاثة للامام وان كانت في ملك الغير ان أراد وانها له وان كانت مسبوقة بملك الغير بان صار ملكه واديا أو أجمة أو جبلا وان كان الأخير كالمحال عادة فيه ان اطلاقات الأدلة منصرفة عن مثل ذلك جزما بل لا يظن بهم الالتزام بذلك نعم ربما يلتزم به القائلون بخروج الأرض عن مالك مالكه بمطلق الموت إذا كان ملكه بالاحياء لا لاندراجها تحت هذه العناوين بل لصيرورتها خرابا وقد أشرنا انفا إلى ضعفه أيضا وان أراد وان الغير لا يملكها وان وقعت في ملكه كالجبال والأودية والآجام الواقعة في ملك الغير أولا أراضي المفتوحة عنوة التي هي ملك المسلمين فهو حق كما صرح بذلك شيخنا المرتضى (ره) فان هذه الثلاثة لا تدخل في ملك الغير وان وقعت فيها كغير ها من الموات الأصلية الواقعة فيه فهذه الثلاثة كغير ها من الموات الأصلية أينما وجدت مملوكة للامام لاطلاقات أدلتها سواء اندرجت عرفا في موضوع الموات أم لا الا انها بحسب الظاهر يعد عرفا منها ولكن انفراد ها بالذكر في الفتاوى لتبعية النصوص وفي النصوص لكونها من الافراد الخفية التي ينصرف عنها اطلاق ارض الموات كما أشار إليه المحقق الأردبيلي (ره) فيما حكى عنه حيث قال إن هذه الثلاثة يعنى رؤس الجبال وبطون الأودية والآجام داخلة في الموات الا ان ذكرها للتوضيح واحتمال صرف الموات إلى غيرها وفي عبارة المتن أيضا إشارة إليه كما تقدم التنبيه عليه آنفا والله العالم وإذا فتحت دار الحرب فما كان لسلطانهم من قطائع وهى الأراضي المقتطعة له أو صفايا أي المنقولات النفيسة التي تكون للملوك فهي للإمام عليه السلام وهذا بحسب الظاهر هو ثالث الاقسام التي أرادها المصنف وكيف كان فيشهد له جملة من الاخبار التي تقدم كثير منها كمرسلة حماد وموثقة سماعة وخبر داود بن فرقد المروى عن تفسير العياشي ورواية محمد بن مسلم المروى عن المقنعة وصحيحة داود بن فرقد قال قال أبو عبد الله عليه السلام قطايع الملوك كلها للامام وليس للناس فيها شئ وخبر الثمالي
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»