مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٦٣
في نية الوضوء والصلاة فلا نطيل بالإعادة فلو انحصر جنس الفعل الذي تعلق به التكليف في نوع بان لم يعتبر في ذلك الفعل عنوان زائد على ما يتحقق به مسماه كما لو أمره بضرب زيد من حيث هو لم يجب عليه في مقام الإطاعة الا القصد إلى ماهية الضرب من حيث هي وايجادها بداعي امرها واما لو قيده بقيد كان أوجب عليه الضرب بالعصا أو الضرب بعنوان التأديب أو غير ذلك من القيود والعناوين المقيدة له وجب القصد إلى خصوص ذلك القسم الذي تعلق به التكليف ولا يكفي حينئذ القصد إلى ايجاد فرد من جنسه ضرورة ان إطاعة الامر باحضار عالم أو طبيب لا يحصل الا بالقصد إلى احضار رجل معنون بهذا العنوان لا مطلقه ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان كان هناك امر اخر متعلق باحضار شخص اخر من مطلق الرجل أو من نوع اخر منه فما يوهمه بعض كلماتهم في باب الصوم والصلاة وسائر العبادات من نفى الحاجة إلى التعيين فيما لو كان المكلف به متعينا في الواقع بان لم يكن مكلفا في الواقع الا بقسم خاص منه كما لصوم في رمضان حيث لا يشرع فيه الا صومه فكونه كذلك يغنيه عن قصد التعيين ليس على ما ينبغي إذ الحاجة إلى التعيين ليست لأجل تمييز الطلب الذي يقصد اطاعته عما عداه حتى يكون وحدته موجبة لتعينه بل لأجل تمييز المهية التي تعلق بها الطلب عما عداها واستحضارها في الذهن حتى يتأتى القصد إليها بدعوة امره فلا يتفاوت الحال حينئذ بين وحدة الطلب وتعدده نعم مع وحدة الطلب قد يقال إن القصد إلى ايقاع الفعل الذي تعلق التكليف بنوع خاص منه كالصلاة والصوم ونحوه خروجا عن عهدة طلبه مرجعه لدى التحليل إلى العزم على ايقاع ذلك الفعل على الوجه الذي يتحقق به امتثال امره فهو تعيين له بمنزلة ما لو وصفه بالصلاة أو الصوم المأمور به بالفعل وقد يوجه بذلك ما ذكره المصنف وغيره بل المشهور بل عن الغنية والتنقيح دعوى الاجماع عليه من أنه يكفي في شهر رمضان ان ينوى انه يصوم غدا متقربا إلى الله تعالى إذا لا يعقل ان يتقرب بصوم الغد الا بعدان يراه طاعة وعبادة فالذي يتعلق قصده به في الحقيقة هو الصوم المأمور به في الغد وهو في رمضان منحصر بصومه فهو المقصود لدى التحليل لا غير ولكن الذي يقتضيه التحقيق انه لا يحتاج تصحيح هذه النية في صوم رمضان إلى هذا التكلف إذا لحق الذي ينطبق عليه ظواهر الأدلة السمعية ان مهية الصوم الذي اخترعه الشارع و جعله من أفضل العبادات مهية واحدة وهى الكف عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الغروب مع النية ولكن تعرضها احكام مختلفة باختلاف أزمنة وقوعها فهي في رمضان واجبة وفي العيدين محرمة وفي سائر الأوقات مندوبة على اختلاف مراتب محبوبيتها باختلاف الأوقات التي ندب فيها وقضية ذلك ان يكون لازمنة وقوعه من حيث هي دخل في قوام مطلوبيته فصوم كل يوم ما عدى العيدين من حيث هو لا بوصف زائد عليه مطلوب شرعا اما بأمر وجوبي أو ندبي وقضية ذلك عدم الفرق بين رمضان وغيره ففي أي وقت نوى ان يصوم غدا وصام صح صومه ووقع امتثالا للامر المتعلق بصوم ذلك الوقت من حيث هو وهو الامر الوجوبي في شهر رمضان والندبى في غيره كما حكى القول به عن بعض سيأتي الإشارة إليه ويمتنع ان يتوارد عليه من حيث هو في وقت واحد أمران أو أكثر حتى يحتاج في مقام الإطاعة إلى تعيين الامر الذي يقصده بالإطاعة نعم يجوز ان يتعلق به طلب اخر لا من حيث هو بل من جهة أخرى زائدة على ذاته كوقوعه كفارة أو وفاء بالنذر أو بدلا عما فاته من رمضان بناء على كون عنوان البدلية قيدا فيه كما سيأتي البحث عنه عند التكلم في عدم جواز الصوم ندبا لمن عليه القضاء والا فهذا أيضا من القسم الأول كما سنوضحه أو نيابة عن غيره أو مقدمة لعمل من اعتكاف أو استفتاح ونحوه إلى غير ذلك من العناوين الطارية عليه المقتضية لان يتعلق به طلب اخر غير الطلب المتعلق بذاته من حيث هي وحينئذ يجب عليه في مقام إطاعة مثل هذه الأوامر ايقاعه بعنوانه الواقع في حيز الطلب والا امتنع وقوعه إطاعة لتلك الأوامر بل يقع إطاعة للامر المتعلق بذاته من حيث هي بعد فرض حصوله بقصد القربة لو لم يكن عروض هذه الجهات مانعة عن بقاء ذاته من حيث هي بصفة المطلوبية كما قد يقال به في النذر المعين وشبهه وان لا يخلو عن نظر كما سيأتي التكلم فيه انشاء الله تعالى نعم قد يكون الامر المتعلق به من بعض هذه الجهات توصليا محضا ولا تكون نفس تلك الجهة أيضا من حيث هي كعنوان البدلية والنيابة عن الغير أو الوفاء بالنذر وشبهه موقوفة على القصد بل يتحقق مفهومه بلا قصد أيضا كمقدمية لعمل الاستفتاح مثلا لو قلنا بان هذا العمل يتوقف الا على أن يصوم ثلاثة أيام صوما صحيحا وان لم يقصد به إطاعة هذا الامر بل غيره كما هو الشان في سائر التكاليف التوصلية فحينئذ يكفي في سقوط امره حصول الصوم صحيحا وان لم يقصد به إطاعة هذا الامر بل غيره كما هو الشان في ساير التكاليف التوصلية وان أبيت الا عن اختلاف حقيقة الصوم وكون صوم التطوع أيضا كصوم الكفارة والنذر قسما خاصا منه وقلت بان صوم الغد من حيث هو طبيعة مشتركة لا يقع امتثالا لشئ أو امره ما لم يضم إليه ما يميزه بالقصد من غير فرق في ذلك بين صوم التطوع وغيره كطبيعة الصلاة المشتركة من حيث هي بين الفرائض والنوافل قلنا إن سلم ذلك ففيما عدى صوم رمضان و اما صوم رمضان حيث لا يشاركه غيره في زمانه لا يحتاج إلى فصل اخر يميزه عن سائر الأنواع وراء اضافته إلى زمانه فالزمان بالنسبة إلى سائر انحاء الصوم ظرف لتحققها وبالنسبة إلى صوم رمضان مقوم لمفهومه فإنه يميزه عما عداه فإذا نوى صوم الغد وكان الغد من رمضان فقد عزم على ايجاد المهية المأمور بها بعينها بداعي القربة والإطاعة وجهله بكون الغد من رمضان أو بخصوصية امره غير قادح إذا لعبرة بنفس ذلك الزمان الذي وجب صومه بعينه لا بمعرفته عنوانه كما أن العبرة بصحته ووقوعه عبادة حصوله بداعي التقرب وإطاعة امره الواقعي وان لم يعرفه تفصيلا أو أخطأ في تشخيصه فلا مانع عن صحة صومه في الفرض بعد فرض كونه عين الماهية المأمور بها وقد اتى به بداعي التقرب ان قلت عدم صحة صوم اخر في رمضان لا يكشف عن أن القيد الذي اعتبره الشارع عنوانا له في الواقع ليس إلا اختصاصه بهذا الوقت حتى يكفي في وقوعه على وجهه القصد إلى أن يصوم غدا قربة إلى الله فمن الجائز ان يكون وجه وجوبه احترام هذا الشهر وتعظيمه أو غير ذلك من العناوين الموقوفة على القصد إلى صومه بعينه لا مجرد حصول الصوم فيه وان لم يكن بعنوان المخصوص به مقصودا له قلت لم يثبت علينا الا وجوب صوم رمضان قربة إلى الله واحتمال كون الغرض الباعث على ايجابه ايجاده على وجه
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»