مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
سببا عاديا لبقائه محفوظا لصاحبه حتى يصل إليه فيكون الحفظ له حينئذ احسانا إليه بخلاف مثل المقام الذي لم يجر العادة بوصوله إليه وكون احتمال الوصول لدى العرف بمقتضى العادة من قبيل الأماني والآمال البعيدة والحاصل ان حفظ مال الإمام عليه السلام برجاء وصوله إليه بواسطة ضعف الاحتمال ليس مندرجا في موضوع حفظ مال الغائب الذي قضت الأدلة بجوازه أو وجوبه بل هو كغيره من التصرفات التي لم يعلم جوازها لو لم ندع القطع بعدمه وقيل يصرف حصته عليه السلام إلى الأصناف الموجودين أيضا لان عليه الاتمام عند عدم الكفاية وكما يجب ذلك مع وجوده فهو واجب عليه عند غيبته بمعنى انه حق مالي لا يسقط بالغيبة فيجب على من استولى على أمواله من باب التولية أو الحسبة الخروج عن عهدته مع الامكان وهذا أي القول بصرفه إلى الأصناف هو الأشبه بل المتعين وان كان في خصوصيتهم بمعنى انحصار المصرف فيهم تأمل وما ذكروه وجها له من وجوب الاتمام عليه قد عرفت ما فيه عند تعرض المصنف له في مسألة ان الإمام عليه السلام يقسم نصف الخمس على الطوائف قدر الكفاية من أن وجوب الاتمام عليه ان سلم كما يدل عليه مرسلتا حماد واحمد فهو في حال بسط يد الإمام عليه السلام ونقل كل الخمس أو معظمه إليه بحيث يسعه القيام بمؤنة فقراء الهاشميين من سهمهم ولو بتتميم النقص من نصيبه كسائر السلاطين القاهرين الذين ينقل إليهم الخراج ويصرفونه في مصارفه لا في مثل هذه الاعصار التي لا يصل بيد من يتولى تقسيمه اما ما كان أو غيره أم صاحب المال الا أقل قليل ففي مثل هذا الفرض لا يجب عليه الاتمام قطعا على تقدير حضوره فضلا عن غيبته وقد يستدل لجواز صرفه إلى الأصناف بالعلم الحاصل من شهادة حال الإمام عليه السلام برضاه بصرف ما له المستغنى عنه المتعذر ايصاله إليه إلى قاربه وأرحامه المحتاجين خصوصا المتعففين منهم المستورين الذين لا حيلة لهم ولا يدرون أين يتوجهون ولا سيما مع عداوة أكثر الناس لهم وإرادتهم إراقة دمائهم بغضا وحسدا لابائهم بل قد يقطع من ذلك ونحوه بعد رضاه في المنع فضلا عن رضاه بالصرف وفيه ان دعوى القطع بالرضا وإن كانت في محلها وكفاك شاهدا لذلك التتبع في أحوال الأئمة عليهم السلام وفا صدر منهم من اخبار التحليل فإنه يستفاد من ذلك استفادة قطعية ان أحب ما يكون لدى الأئمة عليهم السلام التوسعة على شيعتهم ومواليهم والارفاق بهم والاحسان إليهم في الدنيا والآخرة باي نحو يكون ولو بالتضييق على أنفسهم فكيف فيما لو كانوا من أقاربها وأرحامهم المنتسبين إليهم المعدودين من عيالهم الا انه بين ما يمكن ادعاء القطع به وبين المدعى عموم من وجه فهل ترى لك ان تدعى القطع برضا الإمام عليه السلام بصرف ماله إلى بعض أرحامه الذي ليس له شدة احتياج بل قد يتكلف في ادراج نفسه في زمرة المحتاجين بصلح أمواله زوجته وأولاده ونحو ذلك خصوصا لو لم يكن من أهل الصلاح والتقوى مع وجود أرامل وأيتام وضعفاء في شيعته ومواليه في غاية الفقراء والفاقة وكمال الديانة والتقى أو حصول بعض المصارف الذي يحصل به تشييد الدين وترويج شريعة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم والحاصل ان ما يمكن دعوى القطع به انما هو رضاه بصرفه فيما هو الأهم فالأهم ولو بنظر المتصرف لا في خصوص بني هاشم ولا فيهم مطلقا فيشكل حينئذ صرفه إلى هاشمي فقير مع وجود من هو أحوج وأولى منه في الهاشميين أو في غيرهم أو وجود مصرف أهم مما يتعلق بحفظ الشرع وقوامه كما لا يخفى ومما يدل على جواز صرفه بل وجوبه إلى فقراء الهاشميين لدى الامكان وضعفاء الشيعة عند تعذره الخبر المروى عن كتاب الطرائف لابن طاوس باسناده عن عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي ذر وسلمان والمقداد اشهدوني على أنفسكم بشهادة ان لا إله إلا الله إلى أن قال وان علي بن أبي طالب عليه السلام وصى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين وان طاعته طاعة الله وطاعة رسوله والأئمة من ولده وان مودة أهل بيته مفروضة واجبة على كل مؤمن ومؤمنة مع أقام الصلاة لوقتها واخراج الزكاة من حلها ووضعها في أهلها واخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفعه إلى ولى المؤمنين وأميرهم ومن بعده من الأئمة من ولده فمن عجز ولم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة فمن لم يقدر على ذلك فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس ولا يريد بهم الا الله تعالى ان قال فهذه شروط الاسلام وما بقي أكثر ولكن يشكل الاعتماد على مثل هذا الخبر في اثبات الرخصة الا ان يقال إن وروده في مثل هذا المورد الذي يمكن دعوى القطع به لولاه مع كون مضامينه مما يلوح منه امارات الصدق يورث القطع برضا الإمام عليه السلام بالاخذ به والاعتماد عليه من باب التسليم والانقياد كما في اخبار السنن وربما يقوى في النظر جواز التصدق به وصرفه إلى الفقراء مطلقا ولو إلى غير بني هاشم لاندراجه عرفا في موضوع مال الغائب الذي تعذر ايصاله إلى صاحبه والأقوى فيه بعد الياس من التمكن من ايصاله إلى صاحبه بوجه من الوجوه جواز التصدق به أو وجوبه كالمال الذي لا يعرف صاحبه إذ المتدبر في كلمات الأصحاب والنصوص الواردة في ذلك الباب لا يكاد يرتاب في أن حكم الشارع بالصدقة فيما لا يعرف صاحبه انما هو لتعذر ايصاله إليه لا لعدم معرفته بشخصه بل بعض النصوص الواردة فيه التي تقدم نقلها في مسألة الحلال المختلط بالحرام انما ورد فيما تعذر ايصاله إلى صاحبه مع معرفته بشخصه مثل ما عن الشيخ باسناده عن علي الصائغ قال سئلته عن تراب الصواغين وانا نبيعه قال أما تستطيع ان تستحله من صاحبه قال قلت لا إذا أخبرته اتهمني قال بعه قلت باي شئ قال بطعام قلت فأي شئ اصنع به قال تصدق به اما لك واما لأهله والظاهر أن هذه الرواية وإرادة فيما لا يعلم السائل بكون المال لذلك الشخص حتى يتعين عليه ايصاله إليه ولكنه يحتمل ذلك ويريد تفريغ ذمته في الواقع على تقدير كونه كذلك من دون ان يترتب عليه مفسدة الاتهام أو يتضرر بدفع ماله إليه على تقدير العدم فلا يتوجه عليها الاشكال بان خوف التهمة لا يسقط التكليف بايصال مال الغير إليه ولو بدسه في أمواله أو غير ذلك من انحاء الايصال مما يسلم معها من التهمة وكيف كان
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»