مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
الوجه والمفروض عدم مدخلية هذا القصد في صحته والا لم يكن قصد جنس الصوم قربة إلى الله من غير التفات إلى خصوص نوعه مجزيان وكذا قصد غيره مع الجهل برمضان مع أن الخصم معترف بالصحة فيهما وما زعمه فارقا بين الموارد من أن الحكم بالصحة مع قصد الجنس لأجل انصرافه إلى صوم رمضان ومع الجهل لأجل النص والاجماع ففيه انه لا معنى للانصراف في الأمور المنوطة بالقصد بعد فرض عدم كون الخصوصية مقصودة للناوي والا لكان خارجا عن الفرض وأما النص والاجماع فجعلهما كاشفين عن حصول الفرض من الامر بصوم رمضان بالامساك الحاصل فيه بنية التقرب وان لم يكن خصوص امره مقصودا بالامتثال أولى من الالتزام بقيام الماتى به مقام المأمور به تعبدا واما حديث رفع الخطاء فلا دخل له بمثل المقام كما لا يخفى على المتأمل وقد ظهر بما ذكرنا الخدشة فيما حكاه من الاستدلال على البطلان بالتنافي بين نية صوم رمضان ونية غيره لما عرفت من أن التنافي انما هو بين النيتين مع الخصوصيتين والا فلا ينفك نية صوم في شهر رمضان بعد فرض انه لا يعتبر في صوم رمضان عدى الامساك الحاصل فيه بنية التقرب وان لم يكن ملتفتا إلى عنوانه واما ما قيل من أنه منهى عن نية غيره ففيه ان قصد التقرب وامتثال امر الشارع حسن ذاتا فيمتنع صيرورته حراما حتى ينافي صحة الصوم المطلوب منه شرعا فمن زعم جواز صوم الكفارة في رمضان فصام بهذا القصد فان صح عقابه فليس الا للاخلال بصوم رمضان ان قلنا بعدم كونه مجزيا عنه أو لامساكه بهذا القصد مع تقصيره في ترك التعلم أو على ترك التعلم ونحوه والا فلا يعقل ان يكون قصد الخروج عن عهدة ما زعمه كونه مطلوبا للشارع منشاء للمذمة واستحقاق العقاب حتى يصح ان يتعلق به النهى من حيث هو واما ما ذكره من وجوب موافقة النية للمنوى ففيه انه أول الكلام وانما المسلم وجوب الامساك في ذلك الوقت قربة الله فليتأمل ولا يجوز ان يردد نية صومه بين الواجب و الندب ولا بين واجبين كالكفارة والنذر أو ندبين كمقدمة الاستفتاح والاستسقاء مثلا بناء على مغايرتهما بالنوع بل لا بد من قصد أحدهما معينا لما أشرنا إليه في صدر المبحث من أنه يشترط في صحة العبادة من قصد التعيين فلا يقع القصد إلى أحدهما لا بعينه إطاعة لشئ منهما نعم لو كان القدر المشترك بينهما في حد ذاته مطلوبا اتجه صحته ووقوعه امتثالا للامر المتعلق بمطلقه كما أن المتجه صحة صومه نافلة لو ردده بين النافلة أو النذر أو الكفارة ونحوها بناء على أنه لا يعتبر في صوم التطوع عدى قصد التقرب ومصادفته لزمان صالح له كما نفينا البعد عنه في صدر المبحث وعلى جواز التطوع لمن عليه صوم واجب أو فرض فيما لم يتنجز التكليف بالواجب ولكنه احتمل اشتغال ذمته به فقصد حصول ذلك الصوم على تقدير اشتغال ذمته به والا فالندب ولو نوى في هذا الفرض امتثال امره الواقعي المنجز عليه بالفعل بعد فرض انحصاره في الواقع في أحدهما صح بلا اشكال وان قلنا بتعددهما نوعا فان هذا النحو من الترديد غير قادح بعد فرض تعينه في الواقع وتعلق القصد به على ما هو عليه في الواقع وسيأتي مزيد توضيح لذلك في احكام يوم الشك ولو نوى الوجوب أي الوجوب المعهود وهو وجوب صوم شهر رمضان اخر يوم من شعبان مع الشك لم يجز عن أحدهما على المشهور وحكى عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد والشيخ في الخلاف القول بأنه يجزيه واستدل للمشهور بان ايقاع المكلف الصوم في الزمان المحكوم بكونه من شعبان على أنه من شهر رمضان يتضمن ادخال ما ليس من الشرع فيه فيكون حراما لا محالة كالصلاة بغير طهارة فلا يتحقق به الامتثال وبجملة من الاخبار منها موثقة سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صام يوما ولا يدرى امن شهر رمضان هو أو من غيره فجاء قوم فشهدوا انه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال بلى فقلت انهم قالوا صمت وأنت لا تدرى امن شهر رمضان هذا من غيره فقال بلى فاعتد به فإنما هو شئ وفقك الله له انما يصام يوم الشك من شعبان ولا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهى ان ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك وانما ينوى من الليلة انه يصوم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه بتفضل الله وبما قد وسع على عباده ولولا ذلك لهلك الناس وخبر الزهري المروى عن التهذيب قال سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول يوم الشك أمرنا بصيامه ونهينا عنه أمرنا ان يصوم الانسان على أنه من شعبان و نهينا ان يصومه على أنه من شهر رمضان وهو لم ير الهلال وخبره الاخر أيضا عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث طويل قال وصوم يوم الشك أمرنا به و نهينا عنه أمرنا به ان نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه ان ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوى ليلة الشك انه صام من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه وان كان من شعبان لم يضره فقلت وكيف يجزى صوم تطوع عن فريضة فقال لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بذلك لاجزء عنه لان الفرض انما وقع على اليوم يعينه ويستشعر من الخبر الأول ان الاكتفاء به عن صوم رمضان مخالف للأصل ولكن الشارع أمضاه من باب التفضل والتوسعة ولكنه يظهر من هذه الرواية وكذا من غيره من الروايات الآتية انه على وفق الأصل وان المطلوب منه لم يكن الا الصوم في هذا اليوم وقد حصل كما قويناه فيما سبق وخبر سهل بن سعد قال سمعت الرضا عليه السلام يقول الصوم للرؤية والفطر للرؤية وليس منا من صام قبل الرؤية للرؤية وافطر قبل الرؤية للرؤية قال قلت له يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما ترى في صوم يوم الشك فقال حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال قال لي أمير المؤمنين عليه السلام لان أصوم يوما من شعبان أحب إلى من افطر يوما من شهر رمضان ويستكشف من هذه الأخبار ان ما ورد في جملة من الاخبار من النهى عن صوم يوم الشك على الاطلاق أريد به النهى عنه بعنوان الوجوب وانه من صوم رمضان منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقال عليه قضائه وان كان كذلك ويحتمل كون من رمضان متعلقا بيصوم فعلى هذا يكون السؤال واقعا عن خصوص الفرض الذي ورد النهى عنه وعلى تقدير تعلقه بيشك أيضا يحمل على ارادته بقرينة ما عرفت وخبر هشام بن سالم
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»