مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
بالامتداد إلى الغروب عن السيد والشيخ في المبسوط والحلي والعلامة والشهيدين بل عن الانتصار والغنية والسرائر الاجماع عليه وعن المنتهى نسبته إلى الأكثر وكيف كان فهذا هو الأقوى كما صرح به غير واحد من المتأخرين ان لم يكن جميعهم كما يدل عليه صحيحته هشام ورواية أبي بصير المتقدمتان ففي أوليهما التصريح بأنه ان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى وفي ثانيتهما وان مكث حتى العصر ثم بدا له ان يصوم وان لم يكن نوى ذلك فله ان يصوم ذلك ان شاء مع ورود الثانية في خصوص النافلة وكون النافلة بالخصوص هي القدر المتيقن من اطلاق أوليهما ويشهد له أيضا اطلاق صحيحة محمد بن قيس المتقدمة واستدل للقول الاخر بقوله عليه السلام في خبر ابن بكير المتقدم الوارد فيمن طلعت عليه الشمس وهو جنب يصوم ان شاء و هو بالخيار إلى نصف النهار وفيه ما لا يخفى من عدم صلاحيته لمكافئة ما عرفت لا سندا ولا دلالة خصوصا مع صلاحية صحيحة هشام بمدلولها اللفظي قرينة الصرف هذه الرواية عن ظاهرها كما هو واضح وربما يستدل له أيضا بالصحيحة المزبورة بجعل قوله عليه السلام حسب له من الوقت الذي نوى كناية عن فساد الصوم وفيه ما لا يخفى ثم انك قد عرفت عدم اختصاص هذا الحكم أي امتداد وقت النية إلى الزوال أو الغروب بالناسي فيما عدى الواجب المعين فما يوهمه عبارة المتن من اختصاصه به مطلقا غير مراد جزما بل الاخبار بأسرها واردة اما في خصوص العامد أو انه هو القدر المتيقن من منصرفها كما تقدمت الإشارة إليه ولو نوى من الليل أو بعد طلوع الفجر صوما غير معين ثم نوى الافطار ولم يفطر كان له تجديد النية ما لم يفت ملحها لأنا ان بنينا على أن العزم على الافطار مفسد للصوم وان لم يتناول مفطرا كما سيأتي التكلم فيه فليس الا لارتفاع اثر النية السابقة بواسطة العزم على الخلاف ووقوع الامساك الحاصل في هذه الجزء من الزمان بلا نية وهو غير قادح بعد دلالة الأخبار المتقدمة على عدم اشتراط صحة الصوم بالنية السابقة وان لم يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر له ان ينوى ما بينه وبين الزوال أو إلى العصر إذ غايته صيرورته كغير العازم على الصوم أو العازم على عدمه من الليل وتوهم ان الاخبار واردة في غير مثل الفرض فيجب في الحكم المخالف للأصل الاقتصار على مورد النص مدفوع بان انسباق غير هذا الفرض إلى الذهن من مورد الاخبار أو كونه مفروضا في السؤال الواقع فيها انما هو لانس الذهن به في مقام تصور الموضوع والا فهو ليس من الخصوصيات الملحوظة قيدا في موضوعيته فلا يتبادر من الاخبار الا إرادة بيان توسعة وقت النية التي هي شرط في صحة الصوم وانه يمتد وقتها إلى الزوال فيفهم من ذلك حكم مثل الفرض بالفحوى لأن النية السابقة ان كانت مجزية فبها والا فلم يفت ملحها بنص هذه الأخبار واحتمال ان يكون قصد الافطار المسبوق بنية الصوم بنفسه كالأكل والشرب مع وهنه في حد ذاته لو لم ندع القطع بفساده مدفوع بمخالفته للأصل وظواهر ما دل على حص المبطلات فيما عداه هذا مع أن كون الحكم في حد ذاته مخالفا للأصل غير مسلم كما سنشير إليه هذا كله مع ظهور موثقة عمار في إرادة التخيير الاستمراري وجواز العدول عما نواه مطلقا صوما كان أو افطارا إلى أن تزول الشمس وبعده ينقطع الخيار ويتعين عليه المضي فيما نواه كما لا يخفى على المتأمل ويؤيده أيضا انه لم يعرف الخلاف فيه من أحد نعم ذكره في المدارك وغيره على سبيل الاحتمال مع التصريح بضعفه تنبيه قال في المدارك وفاقا لجده في المسالك لوجد النية في أثناء النهار فهل يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية أو من ابتداء النهار أو يفرق بين ما إذا وقعت النية بعد الزوال أو قبله أوجه اجوزها الأخير لقوله عليه السلام في صحيحة هشام بن سالم المتقدمة ان هو نوى الصوم قبل ان تزول الشمس حسب له يومه وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى فيه انتهى أقول الظاهر أن المقصود بالرواية نقصانه من حيث الفضيلة واستحقاق الاجر لا كونه صوما من ذلك الوقت والا لكان عليه ان ينوى الصوم بامساكه من هذا الحين مع أنه بهذا القصد تشريع وانما المشروع ان ينوى الصوم بترك المفطرات الحاصل من أول اليوم فالنية اللاحقة بالنسبة إلى الامساك السابق اما من قبيل إجازة الفضولي يجعله بحكم المنوي أو انه يتكشف من اكتفاء الشارع بها ان حقيقة الصوم هي ترك المفطرات في مجموع النهار مع النية بان يكون مجموعه من حيث المجموع اختياريا له بعنوان الإطاعة لاكل جزء من اجزائه كما تقدم تصويره في صدر المبحث فصوم يوم الجمعة مثلا ليس الا كما لو نذر ان لا يدخل في يوم الجمعة دار زيد أو لا يتكلم معه فلو غفل عن نذره ولم يلتفت الا بعد الزوال من ذلك اليوم فان حصل منه مخالفة نذره و هو الدخول في دار زيد في زمان غفلته فقد سقط التكليف بالوفاء بالنذر بحصول مخالفته لا عن قصد والا فعليه تركه فيما بقي من النهار ويتحقق به عنوان الوفاء ويستحق اجره فكذلك فيما نحن فيه فمن أصبح ولم يتناول شيئا من المفطرات حتى ارتفع النهار أو إلى العصر ثم بدا له رأى في صوم ذلك اليوم وتركها اختيارا في بقية النهار صدق عليه انه ترك الأكل والشرب في هذا اليوم عمدا بقصد إطاعة الامر به فلنا ان نقول إن امتداد وقت النية في صوم النافلة إلى العصر على وفق الأصل إذ لا دليل على أنه يعتبر في مهية الصوم من حيث هي أزيد من اختيار ترك المفطرات في اليوم الذي نوى صومه قربة إلى الله تعالى فما دام باقيا بصفة القدرة على ايجاد شئ من المفطرات في اليوم صح له اختيار تركه بقصد القربة وإطاعة الامر بصوم هذا اليوم ولا يقاس ذلك بالعبادات المركبة المطلوب بها الفعل كالصلاة والوضوء ونحوه مما يتوقف إطاعة امره عرفا وعقلا على القصد إليه من حين التلبس به إذ الفعل الوجودي لا يتصف بصدوره عن عمد واختيار الا إذا كان القصد مؤثرا في ايجاد مهيته التي هي عبارة عن هذه الاجزاء المجتمعة ولا فلا يصدق عليه انه صدر عن قصد بل يفكك عن ابعاضه فيقال بعضه صدر عن قصد واما المجموع من حيث المجموع الذي يتقوم به اسم المركب وان صدق عليه انه صدر عن قصد ولكن المطلوب بالأوامر المتعلقة بالافعال المركبة الوجودية بمقتضى ظواهر أدلتها انما هي ماهية تلك الأفعال التي قد أشرنا إلى انها هي اجزائها مجرد صورتها أي الهئ التركيبية المتقومة بها والا فيصير حالها حال ما نحن فيه في أنه يكفي في ا طاعة امرها احداث الهيئة التركيبية و ان لم يكن حصول شئ من اجزائها اختياريا فضلا عما لو كان بعضها كذلك ولكن ذلك خلاف ظواهر أدلتها كما تقدمت الإشارة إليه واما ترك
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»