مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٦٥
يجوز تقديمها على الليل أيضا بعد فرض استمرار حكمها إلى زمان حصول الفعل ولكن استمرار حكمها من اليوم السابق إلى الغد لا ينفك غالبا عن عروض التفات تفصيلي في الليل فتصير حينئذ إرادة فعلية لأنه من لوازم بقائها شانا كما تقدمت الإشارة إليه ولاجل ذلك اعتبرنا تبعا للمشهور تبيتها أي ايقاعها في الليل والا فليس الليل من حيث هو خصوصية في ذلك فلو فرض انه عزم من هذا اليوم هو اخر شعبان مثلا ان يصوم الغد الذي هو أول رمضان ونام على هذا العزم ولم ينتبه إلى الغد أو انتبه ولم يلتفت تفصيلا إلى أن الغد من رمضان حتى يتجدد عزمه ولكن كان بحيث لو سئله سائل عما عزمه في صوم الغد لأخبره بذلك كما هو من لوازم استدامتها حكما صح صومه بلا اشكال كما سيأتي التصريح به في كلام غير واحد في مسألة من نوى صوم رمضان قبل حضوره نعم مقتضى القاعدة عدم جواز تأخير النية عن الجزء الأول والا لوقع بعضه بلا نية وهو ينافي كونه عبادة لا يقال إن كونه عبادة لا يقتضى الا اختيار فعل المأمور به بقصد إطاعة امره وحيث إن المأمور به في المقام هو ترك المفطرات في اليوم صدق عند كونه في الجزء الآخر من اليوم اختياريا بهذا العنوان انه امسك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات في هذا اليوم بقصد إطاعة امره لأنا نقول العبرة في صحة العبادات التي اعتبر فيها قصد الإطاعة كون هذا القصد داعيا إلى اختيار الفعل المأمور به من حين الاخذ به بان يكون جميعه ان كان مركبا ذا اجزاء ماتيا به بقصد الإطاعة ولا يكفي فيها اختيارية كله أي مجموعه من حيث المجموع الحاصلة باختيار جزئه الأخير المحقق لصدق حصول المجموع من حيث هو والا لم يختلف الحال في ذلك بين الصوم وغيره من العبادات المركبة المطلوب بها الفعل الوجودي كما لا يخفى والحاصل ان مقتضى القاعدة اشتراط صحة الصوم ووقوعه عبادة بكونه مسبوقا بالنية من غير فرق في ذلك بين صوم رمضان وغيره ولا بين العامد والساهي ويؤيده قوله عليه السلام في النبوي المشهور في كتب الفتاوى لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ولكن ورد اخبار معتبرة مستفيضة بخلاف ما يقتضيه هذا الأصل ومن هنا وقع الكلام في تحديد اخر وقتها منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبدو له بعدما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل قال نعم ليصمه ويعتد به إذا لم يكن احدث شيئا وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر قال قال علي عليه السلام إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل ان يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو بالخيار ان شاء صام وان شاء افطر وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد ان يقضيها متى ينوى الصيام قال هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم وان كان نوى الافطار فليفطر سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم ان ينوى الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا الحديث وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال قلت له ان رجلا أراد ان يصوم ارتفاع النهار أيصوم قال نعم وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أصبح وهو يريد الصيام ثم بدا له ان يفطر فله ان يفطر ما بينه وبين نصف النهار ثم يقضى ذلك اليوم فان بدا له ان يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم فإنه يحسب له من الساعة التي نوى فيها وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يصبح ولا ينوى الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم فقال إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى وخبر صالح بن عبد الله عن أبي إبراهيم عليه السلام قلت رجل جعل الله عليه صيام شهر فيصبح وهو ينوى الصوم ثم يبدو له فيفطر ويصبح وهو لا ينوى الصوم فيبدو له فيصوم فقال هذا كله جائز وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان اله ان يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار وقال نعم له ان يصوم ويعتد به من شهر رمضان ومرسلة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر أيجوز ان يجعله قضاء من شهر رمضان قال نعم وخبر ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب ثم أراد الصيام بعد ما اغتسل ومضى ما مضى من النهار قال يصوم ان شاء وهو بالخيار إلى نصف النهار وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل على أهله فيقول عندكم شئ والا صمت فإن كان عندهم شئ اتوه به والا صام وخبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال هو بالخيار ما بينه وبين العصر وان مكث حتى العصر ثم بدا له ان يصوم وان لم يكن نوى ذلك ان شاء وهذه الأخبار كما تريها صريحة الدلالة على بقاء وقت النية وجواز ايقاعها في اليوم في الجملة فالكلام حينئذ يقع في مواقع الأول في صوم رمضان وشبهه من الواجب المعين بنذر وشبهه والكلام فيه تارة في العامد وأخرى في الناس ومن بحكمه من الجاهل بالموضوع أو الحكم على اشكال في الأخير كما سيأتي التكلم فيه انشاء الله اما العامد أي العالم الملتفت إلى الحكم وموضوعه فلا يجوز له تأخير النية بل عليه تبييته من الليل بان يكون الصوم من الأول اليوم منويا له لخروجه عن موضوع الاخبار أو منصرفها واما لو نسيها ليلا بان غفل عن كون الغد رمضان أو انه يجب عليه صومه أو كان جاهلا بموضوعه بل وكذا بحكمه على الأظهر جددها أي أوقع هانها أو فيما بينه أي الليل وبين الزوال على معنى انه يجددها حالة الذكر على الفور في هذه المدة لان لا يخلو جزء من النهار من النية اختيارا لا ان له ان يتراخى بها إليه فان هذا مما لا يساعد عليه دليل واما جواز تجديد النية عند تذكره فمما لم ينقل الخلاف فيه الا عن ظاهر ابن أبي عقيل من أنه لم يفرق بين العامد والناسي في بطلان الصوم مع الاخلال بالنية من الليل وهو وان كان مقتضى القواعد ولكنه مخالف لما يظهر من كلمات الأصحاب من اتفاقهم في الناس على أنه يجددها إلى الزوال بل عن الغنية وظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضافا إلى ما عرفت ما روى أن ليلة الشك أصبح الناس فجاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فشهد برؤية الهلال فامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مناديا ينادى كل من لم يأكل فليصم ومن اكل فليمسك فإنه كما يعم الشاك يعم الغافل والجاهل
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»