مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٤٩
في الطوائف الثلث قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وافتقارهم إلى الخمس في مؤنتهم كما نطق بذلك كله مرسلة حماد الطويلة ففيها قال عليه السلام ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم سهم لله تعالى وسهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسخم لأبناء السبيل فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الامر من بعد رسول الله وراثة وله ثلاثة أسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله تعالى فله نصف الخمس كملا نصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنهم شئ فهو للوالي وان عجزا ونقص عن استغنائهم كان على الوالي ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وانما صار عليه ان يمؤنهم لان له ما فضل عنهم إلى أن قال فهؤلاء الذين جعل لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين ذكرهم الله فقال وأنذر عشيرتك الأقربين إلى أن قال وليس في مال الخمس زكاة لان فقراء الناس جعل ارزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد وجعل للفقراء قرابة الرسول الله صلى الله عليه وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي وولى الامر فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا وقد استغني فلا فقير الحديث إلى غير ذلك من الروايات الدالة على أن الله تعالى حرم على بني هاشم الصدقة وجعل لهم مكانها الخمس ليغنيهم به عن أن يصير هم في موضع الذل والمسكنة وقضية ذلك أنه لو كان الخمس الواصل بيد من يتولى صرفه إليهم وافيا بمؤنة جميع فقرائهم وجب بسطه على جميعهم وإذا تعذر ذلك ولم يف الا بمؤنة البعض وجب صرفه في البعض منهم ولا يتفاوت الحال حينئذ بين ان يكون مجموع ذلك البعض من صنف واحد أو من مجموع الأصناف لاتحاد ملاك الاستحقاق ووجوده في الجميع فيكون المكلف مخيرا في التعيين عند عدم وفائه الا بحاجة البعض فتكون الآية والروايات الواردة في هذا الباب بمنزلة ما لو أوصى شخص بصرف نماء ثلاثة في كل سنة نصفه في تعزية سيد الشهداء عليه السلام مثلا ونصفه الاخر في فقراء ذريته وكان ذلك النصف بمقتضى العادة وافيا بمؤنة فقراء ذريته إلى اخر الأبد وكانت ذريته محصورة في ولد زيد وعمرو وبكر فجعل لفقراء ذريته من نسل كل منهم من ذلك النصف ثلاثة ثم صرح بعد ذلك بان غرضه من هذه الوصية ان لا يبقى أحد من ذريته محتاجا في مؤنته إلى الصدقة وان يصير أحد منهم في موضع الذل والمسكنة فان زاد عن مؤنتهم شئ صرف أيضا في التعزية كشف ذلك عن أن تثليث السهام لم يكن الا لزعمه كفاية كل سهم لكل صنف فلو فرض احتياج صنف منهم في زمان إلى أكثر من سهمه بعكس صنف اخر أو انحصر الفقراء من ذريته في هذا الصنف واحتاجوا في معيشتهم إلى صرف جميع الربح صرف الربح فيهم على حسب ما يحتاجون إليه ولو فرض نقصان الربح وعدم امكان صرفه الا في مؤنة عدة آحاد منهم لا يختلف الحال حينئذ بين ان يكون تلك الآحاد مجموعها من صنف واحدا ومن مجموع الأصناف كما لا يخفى على المتأمل وربما يؤيده أيضا قوله صلى الله عليه وآله في خبر عيسى بن المستفاد الآتي في مسألة مصرف سهم الإمام عليه السلام فمن عجز أي عن ايصال الخمس إلى ولى المؤمنين ولم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة الحديث فإنه كاد يكون صريحا في عدم وجوب البسط على الأصناف هذا كله مع اعتضاده بالسيرة والشهرة فلا ينبغي الاستشكال في عدم وجوب بسطه على الأصناف أيضا وان كان هو أحوط المسألة الثالثة يجب ايصال جميع الخمس إلى الإمام عليه السلام حال حضوره والتمكن من ايصاله إليه كما يدل عليه كثير من النصوص المتقدمة في طئ المباحث السابقة فهو يتولى امره على حسب ما يقتضيه تكليفه وقد صرح كثير من الأصحاب بل المشهور بأنه يقسم الإمام عليه السلام نصف الخمس الذي هو سهم الطوائف الثلث على الطوائف كلها قدر الكفاية مقتصدا فان فضل منه شئ كان له وان أعوذ أتم من نصيبه كما وقع التصريح بذلك في مرسلة حماد المتقدمة انفا ومرسلة أحمد بن محمد بن أبي نصر المضمرة وفيها قال فالنصف له خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة وعوضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شئ فهو له وان نقص عنهم ولم يكفهم أتمه له من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان وضعف سند هما غير قادح في التعويل بعد اعتضاده بما عرفت مع كون المرسل من أصحاب الاجماع ومنع ابن إدريس (ره) كون الفضل له والنقصان عليه لمخالفته للأصول والقواعد الشرعية وهو متجه على أصله فإنه لا يعمل باخبار الآحاد فضلا عن مثل هذه المراسيل وربما استحسن رأيه أو توقف فيه غير واحد من المتأخرين ممن لا يرى جواز العمل الا بالأخبار الصحيحة كصاحب المدارك وغيره وكيف كان فلا يترتب على تحقيقه فائدة مهمة وربما يفرع عليه جواز صرف سهم الإمام عليه السلام في فقراء الهاشميين وكون ما فضل عن حاجتهم ملحقا بسهم الإمام عليه السلام وعدم جواز اعطاء هاشمي أكثر من مؤنة سنته وفي الجميع نظر إذ المفروض في مورد الخبرين صورة بسط يد الامام ونقل كل الخمس أو معظمه إليه بحيث يسعه القيام بمؤنة جميع فقراء الهاشميين من سهمهم ولو بتتميم النقص من نصيبه كسائر السلاطين القاهرين الذين ينقل إليهم الخراج ويصرفونه في مصارفه فلا يتناول مثل هذه الاعصار التي لا يصل بيده من يتولى تقسيمه اما ما كان أو غيره أم صاحب المال الا أقل قليل فهل ترى انه يفهم من الخبرين انه كان على الإمام عليه السلام في مثل هذا الفرض مؤنة جميع فقراء الهاشميين من ما له المختص به والا لكان الإمام عليه السلام عند قصور يده من أفقر الناس ضرورة عدم وفاء ما في يده أمواله عادة بمؤنة ما يحتاج إليه الهاشميون بالفعل في عصره مع أنه خلاف ما صرح به في بعض الأخبار بل خلاف ما علم بالضرورة من عدم قيامهم في الظاهر حال قصور يدهم بمؤنة الجميع فلعله لذا وقع التعبير عنه في الخبر الأول بالوالي فكأنه أريد بذلك التنبيه على ترتب هذه الثمرة على الخمس على تقدير سلطنة الامام وولايته في الظاهر لا مطلقا واما مسألة عود الفاضل إليه فهي ثمرة صحيحة ولكنها مجرد فرض لا يكاد يتحقق عادة لها مورد في مثل هذه الاعصار كما هو واضح واما عدم جواز اعطاء هاشمي أكثر من مؤنته فلعله أيضا كان من اثار بسط يد الامام وقدرته على استيفاء حقهم في كل سنة وايصاله إليهم فان سهمهم الذي جعله الله لهم من الغنيمة في كل سنة يغنيهم في تلك السنة فإذا تمكنوا من استيفائه بواسطة بسط يد الامام ينتفى عنهم موضوع الفقر فلا يسوغ لهم تناول الزائد كغير هم ممن كان له مدخل في كل سنة بقدر ما يعيش به فلا يقاس عليه حال قصور اليد وعدم تمكن السيادة من استنقاذ حقهم فإنهم حينئذ كصاحب ضيعة وافية بمؤنته و لكنها مغصوبة غير مجدية في غنائه فليتأمل المسألة الرابعة ابن السبيل لا يعتبر فيه الفقر وعدم كونه مالكا لما يفي بمؤنته أصلا حتى في بلده أو سائر البلاد التي
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»