نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٤٣
ومع ذلك لم نعهد أن فريقا منهم استعمل هذا الشعار كحكم سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله)، فلاحظوا - على سبيل المثال - موقف طلحة من تعيين أبي بكر لعمر، واستنكاره لذلك، وإعلانه السخط على هذا التعيين (51)، فإنه لم يفكر - على رغم ذلك - أن يلعب ضد هذا التعيين بورقة الشورى، ويشجب موقف أبي بكر، بأنه يخالف ما هو المسموع من النبي (صلى الله عليه وآله) عن الشورى والانتخاب.
النقطة الثانية:
إن النبي لو كان قد قرر أن يجعل من الجيل الاسلامي الرائد، الذي يضم المهاجرين والأنصار من صحابته قيما على الدعوة بعده، ومسؤولا عن مواصلة عملية التغيير، فهذا يحتم على الرسول القائد (صلى الله عليه وآله) أن يعبئ هذا الجيل تعبئة رسالية وفكرية واسعة، يستطيع أن يمسك بالنظرية بعمق ويمارس التطبيق في ضوئها بوعي، ويضع للمشاكل التي تواجهها الدعوة باستمرار حلولها النابعة من الرسالة، خصوصا إذا لا حظنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان - وهو الذي بشر بسقوط كسرى وقيصر (52) - يعلم بأن الدعوة مقبلة على فتوح عظيمة، وأن الأمة الاسلامية سوف تضم إليها في غد قريب شعوبا جديدة ومساحة كبيرة * وتواجه مسؤولية توعية تلك الشعوب على

(51) راجع مختصر تاريخ ابن عساكر / ابن منظور / ج 18 / ص 230 الروايد عن الشعبي وكان مع طلحة والزبير وسعيد وعبد الرحمن.
(52) راجع تاريخ الطبري / ج 2 / ص 92 / ط 1 - دار الكتب العلمية - بيروت / حديث النبي عند حفر الخندق.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة