نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٤٠
ثانيا: إن الشورى، كفكرة مفهوم غائم، لا يكفي طرحه هكذا، لامكان وضعه موضع التنفيذ، ما لم تشرح تفاصيله وموازينه ومقاييس التفضيل عند اختلاف الشورى، وهل تقوم هذه المقاييس على أساس العدد والكم، أو على أساس الكيف والخبرة؟؟ إلى غير ذلك مما يحدد للفكرة معالمها ويجعلها صالحة للتطبيق (46) فور وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ثالثا: إن الشورى تعبر في الحقيقة عن ممارسة للأمة - بشكل أو آخر - للسلطة عن طريق التشاور وتقرير مصير الحكم، فهي مسؤولية تتعلق بعدد كبير من الناس هم كل الذين تشملهم الشورى، وهذا يعني أنها لو كانت حكما شرعيا يجب وضعه موضع التنفيذ عقيب وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) لكان لا بد من طرحه على أكبر عدد من أولئك الناس لان موقفهم من الشورى ايجابي، وكل منهم يتحمل قسطا من المسؤولية (47).
وكل هذه النقاط تبرهن على أن النبي (صلى الله عليه وآله) في حالة تبنيه لنظام الشورى، كبديل له بعد وفاته، يتحتم عليه أن يطرح

(46) بلحاظ ضرورة الوضوح بدرجة كافية لحسم مسألة الرئاسة بعد شغور كرسيها تجنبا للمخاطر المتوقعة في حالة عدم وجود معايير محددة في هذا المجال.
(47) أي كما هو الشأن في كل تكليف شرعي، إذ يقتضي البيان والتفضيل، وهذا ما كان عليه دأبه صلوات الله وسلامه عليه، في كل التكاليف الشرعية، قال، تعالى: (... وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم...) النحل / 44، فلو كان، حكما شرعيا إذن، وواجبا يجب ممارسته ممن عنده الأهلية، لكان يقتضي البيان.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة