نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٣٨
للاستخلاف، وعدم استنكار عامة المسلمين لتلك الطريقة، والروح التي سادت على منطق الجناحين المتنافسين من الجيل الطليعي، المهاجرين والأنصار يوم السقيفة، والاتجاه الواضح الذي بدا لدي المهاجرين نحو تقرير مبدأ انحصار السلطة بهم، وعدم مشاركة الأنصار في الحكم، والتأكيد على المبررات الوراثية التي تجعل من عشيرة النبي أولى العرب بميراثه، واستعداد كثير من الأنصار لتقبل فكرة أميرين، أحدهما من الأنصار والاخر من المهاجرين، واعلان أبى بكر الذي فاز بالخلافة - في ذلك اليوم - عن أسفه لعدم السؤال من النبي عن صاحب الأمر بعده... (41)، كل ذلك يوضح، بدرجة لا تقبل الشك، أن هذا الجبل الطليعي من الأمة الاسلامية - بما فيه القطاع الذي تسلم الحم، بعد وفاة النبي - لم يكن يفكر بذهنية الشورى، ولم يكن يملك فكرة محددة عن هذا النظام، فكيف يمكن أن نتصور أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد مارس عملية توعية على نظام الشورى تشريعيا وفكريا، وأعد جيل المهاجرين والأنصار لتسلم قيادة الدعوة بعده على أساس هذا النظام، ثم لا نجد لدى هذا الجيل تطبيقا واعيا لهذا النظام أو مفهوما محددا عنه؟ (42) كما أننا لا يمكن أن نتصور - من ناحية أخرى - أن الرسول القائد يضع هذا النظام، ويحدده تشريعيا ومفهوميا،

(41) تاريخ الطبري / ج 2 / ص 354.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة