الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٢٥
انقطعت صلاتهم بالخوارج ولم يعودوا منهم. وحينما هربوا لم يلجأوا إلى الصحراء العربية بل إلى مواطن غير عربية مثل سهل جوخي في الناحية الأخرى من نهر الدجلة والأهواز ومدين وفارس (1). وإنما يكون برنوف على صواب وأنه إنما أراد أن يقول: إن الخوارج لم يكونوا من قريش ولا ثقيف ولا الأنصار بل من قبائل أقل أهمية من حيث المكانة السياسية اندمجت في الاسلام خصوصا بعد حرب الردة وأقامت في الكوفة والبصرة (2).
ويبدو كذلك أن لبرنوف (3) رأيا خاصا في القراء. وليس للمرء أن ينظر إلى هؤلاء على أنهم يؤلفون طبقة محددة بل هم كانوا غير واضحي المعالم حتى أن رجالا مثل قيس بن سعد وهاشم بن عتبة وابن بديل كانوا يعدون أحيانا منهم.
كذلك لم يكونوا يؤلفون حزبا سياسيا ذا برنامج محدد ثابت فمنهم من كان في صف أهل الشام ومنهم من كان في صف أهل العراق كما أن فريقا من قراء

(1) في الجزيرة العربية وطن الخوارج أقدامهم في اليمامة واليمن خصوصا بين قوم متحضرين لا بدو. ولكن هذا إنما حدث في عهد متأخر لا صلة له بما نحن فيه هاهنا.
(2) ليس لدينا معلومات حقيقية إلا عن أصول زعمائهم. فكان منهم كثير من بني تميم ففي البصرة حيث كانت الأغلبية من بني تميم كان: مسعر بن فدكي حرقوص بن زهير عروة بن أدية وأخوه أبو بلال وفي الكوفة شبث بن ربعي (الذي تركهم بعد ذلك) والمستورد وهلال ابن علفة وكلاهما من تميم الرباب الذين لحقوا ببني تميم. وكان كثيرون من قبائل أخرى فمن المضربين: فروة بن نوفل الأشجعي وشريح بن (أبي) أوفى العبسي وعبد الله بن شجرة السلمي راجع (الطبري) (1 / 3377 3382) والدينوري (ص / 216 س 13 ص / 221 س 6) وحمزة بن سنان الأسدي (الطبري) (ص / 3364 الدينوري (ص / 215 س 17) وكثير من المحاربين (ص / 3309) وما يليها (ص / 3361) وما يليها). ومن الطائيين: زيد بن الحسين ومعاذ بن جوين وطرفة بن عدي بن حاتم.
ومن اليمانيين يزيد بن قيس الأرحبي (وقد تركهم فيما بعد) وابن وهب الراسبي أو خلفائهم وابن ملجم المرادي قاتل علي بن أبي طالب ومن بني ربيعة لا نرى في بدء الامر كثيرين ومنهم ابن كوا اليشكري (وقد تركهم فيما بعد) ولكن الحال تغير فيما بعد كثيرا. ولا نجد خوارج من الأزديين في البصرة أول الأمر لان بني الأزد لم ينتقلوا إلى البصرة إلا فيما بعد وكان الزعماء الثلاثة الأول في حروراء هم أبرز رجال القبائل العظمى في الكوفة أعني: تميم وبكر وهمدان.
(3) أو كان له هذا الرأي حينما ألف رسالته التي لا يزال يتمسك بها ولا يخجل منها.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 31 ... » »»
الفهرست