عليك ما في ذلك بعد ما سمعت من النصوص الدالة على أن مكة حرام لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما حلت لي ساعة من نهار، وما في المنتهى من احتمال كون المعنى حلت لي ولمن هو في مثل حالي بقرينة ما سمعته في التذكرة بعيد، خصوصا بعد عدم إشارة في شئ من النصوص المزبورة إلى أن ذلك قد كان منه لمكان القتال الذي يمكن مجامعته للاحرام كما عرفته في لبس المحرم السلاح للضرورة، على أن النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة مصالحا لا لقتال، إلا أنه لما كان الصلح مع أبي سفيان ولم يثق بهم وخلف غدرهم حل له ذلك، اللهم إلا أن يقال إنه إذا جاز لخوف القتال فله أولى، وفيه أنه على كل حال لا يستفاد منه الجواز لمطلق القتال، ضرورة احتمال خصوصية فيما وقع من النبي صلى الله عليه وآله باعتبار كونه منه وجهادا للمشركين وغيره ذلك من الخصوصيات التي لا توجد في غيره، ولعله لذلك كله والاحتياط نسبه المصنف إلى القيل مشعرا بضعفه، ضرورة بقاء العموم حينئذ بلا معارض، بل عن الشيخ في غير المبسوط أنه لم يستثن إلا المرضى والحطابة، نعم قد يقال بالجواز إذا وصل الأمر إلى حد الضرورة، لعموم أدلتها، وفحوى نصوص المرض (1) مع احتمال وجوب الاحرام حينئذ وارتفاع بعض أحكامه لها لا أصل الاحرام، بل هو الوجه، والله العالم.
(وإحرام المرأة كأحرام الرجل إلا فيما استثنيناه) من جواز لبس المخيط والحرير على الأصح، والتظليل سائرا، وستر الرأس، ووجوب كشف الوجه، وعدم استحباب رفع الصوت بالتلبية، ونحو ذلك مما خرج عن قاعدة الاشتراك وغيرها مما يقتضي اتحادهما في كيفية الاحرام كالصحيح (2) الآتي في الحائض ونحوه