الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ١٠٦
بما لم يذكر في القرآن كغسل الرجلين في الوضوء، وكرجم المحصن، ونحو ما أخذوا به من إباحة صوم رمضان للمسافر، ومن إيجاب الوضوء من القهقهة في الصلاة، ومن الوضوء بالنبيذ، ومن القلس والقئ والرعاف، وكتخصيص ظاهر القرآن، كعدد ما لا يقطع السارق في أقل منه، وما لا يحرم من الرضاع أقل منه فهذا أيضا زائد حكم على ما في القرآن، ومثله ما بين مجمل القرآن كصفة الصلاة وصفة الزكاة وسائر ما جاءت به السنن فهو زائد حكم على ما في القرآن.
فمن أين جوزتم أخذ الزائد على ما في القرآن كما ذكرنا حيث اشتهيتم، ومنعتم منه حيث اشتهيتم، وهذا ضلال لا خفاء به وكل ما وجب العمل به في الشريعة فهو واجب أبدا في كل حال، وفي كل موضع إلا أن يأتي نص قرآني أو سنة بالمنع من بعض ذلك فيوقف عنده، وأما بالآراء المضلة والأهواء السخيفة فلا، على أنهم آخذ الناس بخلاف القرآن برأي فاسد أو قياس سخيف أو خبر ساقط كالوضوء من القهقهة وسائر تلك الأخبار الفاسدة، وتأملوا ما نقول لكم: قد أجمعوا معنا على قبول ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسخ للقرآن أو زيادة عليه، واتفقوا معنا على أن خبر الواحد الثقة عن مثله مسندا حجة في الدين، ثم تناقضوا كما ذكرنا بلا برهان ونعوذ بالله من الخذلان، وقد ثبت عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وداود رضي الله عنهم وجوب القول بخبر الواحد، وهذا حجة على من قلد أحدهم في وجوب القول بخبر الواحد، وإن خالف من قلده من بعض من ذكرنا خطأ وتناقضا لا يعزى منه بشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالله تعالى التوفيق.
ومن البرهان في قبول خبر الواحد: خبر الله تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال له رجل: (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) فصدقه وخرج فارا وتصديقه المرأة في قولها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فمضى معها وصدقها، وبالله تعالى التوفيق.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122