تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٩٥
واما قوله تعالى: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين، فاللائح منه كون الضرار بهذا المعنى بتفريق شملهم، وادخال الشك في قلوبهم، والتزلزل في عقائدهم، واليك ما روى في وجه نزوله رواه في الصافي والمجمع وغيرهما: ان بنى عمرو بن عوف بنوا مسجد قبا وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فحسدتهم اخوتهم: بنو غنم بن عوف فبنوا مسجد الضرار وأرادوا ان يحتالوا بذلك فيفرقوا المؤمنين ويوقعوا الشك في قلوبهم بان يدعوا أبا عامر الراهب من الشام ليعظهم ويذكروهن دين الاسلام ليشك المسلمون ويضطربوا في دينهم فأخبر الله نبيه بذلك فامر باحراقه وهدمه بعد الرجوع من تبوك. ويوضح المقصود ما ذكره الطبرسي ضرارا أي مضارة، وهو يريد بذلك الضرر بمن بنوا مسجد قبا، بتفريقهم وتمزيقهم، وتشويش عقائدهم وليس هذا الا التضييق وايقاع المكروه، لا الضرر المالي والنفسي.
ويشهد لما ذكرنا قوله عز من قائل: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا فقد روى الصدق باسناده عن أبي عبد الله قال سئلته عن قول الله عز وجل ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا قال: الرجل يطلق إذا كادت ان يخلو اجلها راجعها ثم طلقها بفعل ذلك ثلاث مرات فنهى الله عز وجل من ذلك، وقال الطبرسي أي لا تراجعوهن لا لرغبة فيهن بل لطلب الاضرار بهن اما بتطويل العدة أو بتضييق النفقة في العدة ومنها قوله: ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن - الطلاق - 6 - فان المقصود، كما يشهد له صدرها " واسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم " هو التضييق عليهن باسكانهن فيما لا يناسب شأنهن، ويلوح ما ذكرناه من الوجهين اللذين ذكره الطبرسي فقال: لا تدخلوا الضرر بالتقصير في السكنى والنفقة والكسوة طالبين بالاضرار التضيق عليهن ليخرجن، وقيل المعنى اعطوهن من المسكن ما يكفيهن بجلوسهن ومبيتهن وطهارتهن ولا تضايقوهن حتى يتعذر عليهن السكنى.
ومنها: قوله: ولا يضار كاتب ولا شهيد قال الطريحي: فيه قرائتان إحديهما، لا يضار بالاظهار والكسر والبناء للفاعل على قرائة أبى عمرو فعلى هذا يكون المعنى:
لا يجوز وقوع المضارة من الكاتب بان يمتنع من الإجابة أو يحرف بالزيادة والنقصان
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست