كما يستحق بالواجب وقد قيل في الجواب عن ذلك ان الله تعالى لما قال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ولم يقل عليكم دل على انه رغبنا في ذلك وذلك لا يقتضى الوجوب والأول أقوى واستدلوا أيضا بقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول والاستدلال بذلك لا يصح لان طاعته لا تكون الا بفعل ما امر به وليس للفعل في ذلك مدخل الا أن يقترن به قول يقتضى التأسي به واستدلوا أيضا بقوله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا والتعلق بذلك أيضا لا يصح لان معنى قوله وما اتاكم وما أعطاكم وادى إليكم وذلك لا يصح الا في القول الذي نسمعه منه ونمتثله لان سمعنا له وحفظنا إياه وامتثالنا له لم يجرى مجرى ما تناولنا منه واستدلوا باخبار رووها في هذا الباب كلها اخبار آحاد لا يصح الاعتماد عليها في هذا الباب وما قلناه في تأويل الآيات قد نبه على طريق القول فيما نحو ما روى عنه (ع) انه خلع نعله في الصلاة فخلعوا نعالهم وما شاكله لان ذلك انما يدل على انما فعلوه حسن يجوز فعله ولا يدل على انه واجب لا يجوز خلافه واستدل بعضهم على ذلك بأن قال ان الفعل اكد من القول لأنه كان (ع) إذا أراد تحقيق امر فعل ذلك ليقتدى به كذلك فعل في غير شئ من المناسك والوضوء والصلاة وغيرها فبان يكون الفعل على الوجوب أولى وهذا يبطل بما قدمناه لان القول يقتضى انه قد أراد منا ما يقتضيه والفعل بخلافه وانما يكون فعلا تحقيقا للامر إذا وقع عقيبه فيقع موقع التأكيد واما إذا كان مبتدأ فلا يصح ذلك فيه واستدل بعضهم بان قال ان الوجوب أعلى مراتب الفعل فإذا عدمنا الدليل على أي حال فعله وعلى أي وجه أوقعه لزمنا التأسي به فيه (ع) فيجب أن نتبعه على الوجه هو أعلا مراتبه وهذا كلام ليس تحته فايدة لان كون الوجوب أعلى على ما قاله لا يقتضى ان حالنا كحالنا ولا ان ما فعله واجب علينا فما في ذلك مما يتعلق به واما من قال ان فعله على الندب أو الإباحة فقوله يبطل بمثل ما أبطلنا به قول من قال انها على الوجوب سواء فلا فايدة ليزداد القول فيه وهذه جملة كافية في هذا الباب والله الموفق للصواب فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها افعاله (ع) وبيان الطريق إلى معرفة ذلك فعال النبي (ع) على ثلاثة اقسام فعل وقول واقرار للفاعل على فعله وهى اجمع على ثلاثة اقسام واجب ومندوب ومباح فما هو له فعل له ينقسم ثلاثة اقسام إلى بيان ما هو بيان له والى امتثال الخطاب والى ابتداء فما هو بيان المبين على ضروب منها بيان المجمل ومنها تخصيص العموم ومنها النسخ وينقسم قسمة أخرى منها ما هو قضاء على الغير ومنها ما هو متعلق بالغير ومنها ما لا تعلق له بأحد و ليس يخرج عن هذه الاقسام شئ من افعاله الشرعية فاما ما لا تعلق له بالشرع فلا طائل في ذكره ونحن نبين الطريق إلى معرفة كل واحد من هذه الاقسام لان معرفة طرقها تختلف اما الذي به يعلم ان فعله بيان فهو ان يعلم ان فعله تقدمه ما يحتاج إلى بيان وتقدم هناك قول
(٥٧)