عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٤٦
من الفقهاء إلى ان ذلك لا يجوز وهو الذي اختاره شيخنا أبو عبد الله ره ولا خلاف بين أهل العلم ان القرآن لا ينسخ باخبار الآحاد الا أن من أجاز نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها يقول كان يجوز نسخه أيضا باخبار الآحاد ولكن المشروع منع منه وهو الاجماع على ان خبر الواحد لا ينسخ به القران و الا كان ذلك جائزا كما ثبت عندهم تخصيص عموم القران وبيان مجمله باخبار الآحاد ولى في هذه المسألة نظر الا انى اذكر ما تعلق به كل واحد من الفريقين على ضرب من الايجاز فاستدل من قال بجواز ذلك انه إذا أوجبت السنة المقطوع بها العلم والعمل ساوت الكتاب في ذلك فيجب جواز حصول نسخه بها كما يجوز أن يبين بها ويخص بها وانما لا يجوز نسخه بخبر الواحد للاجماع الذي ذكرناه والا كان ذلك جائزا وقالوا أيضا النسخ إذا كان واقعا في الاحكام التي هي تابعة للمصالح وكانت السنة في الدلالة على الاحكام كالقران لا يختلفان فيجب جواز نسخه بها قالوا ومزية القران في باب الاعجاز على السنة لا يخرجها من التساوي فيما ذكرناه يبين ذلك ان نسخ الشريعة انما يصح من حيث كان دلالة على ان الحكم المراد بالأول أريد به إلى غاية وقد علم ان قوله تعالى كذا وإذا كان وحيا ولم يكن قرانا في باب الدلالة على ذلك (كا) بالقران فكذلك حال السنة في ذلك يجب أن يكون حال القران في جواز نسخ القران به لان الذي يختص القران به من الاعجاز لا تأثير له فيما به يصح النسخ من الدلالة على الحكم لان النفي كونه معجزا مع كونه قولا له تعالى لا يخرجه من ان يدل على الحكم كهو إذا لم تكن معجزا الا ترى ان قوله (ع) دلالة على الحكم وان لم يكن معجزا فإذا صح ذلك لم يكن لكون القران معجزا اعتبار فوجب صحة نسخه بالسنة على ما قدمناه واستدل من امتنع من جواز نسخه بالسنة بأشياء منها قوله تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم قالوا فجعله الله تعالى مبينا للقران فلو نسخه لكان قد ازاله والإزالة ضد البيان واعترض من خالف في ذلك بأن قال انه إذا نسخه بالسنة فقد بين الوقت الذي يزول فيه العبادة وهذا في أنه بيان جار مجرى التخصيص ولو لم يكن ذلك بيانا لم يكن في وصف الله تعالى له بأنه مبين دليل على انه لا يفعل ما ليس ببيان كما لا يدل على انه لا يبتدى باحكام شرعها وقال أبو هاشم ان معنى قوله لتبين للناس ما نزل إليهم أي لتبلغ وتؤدى لان الأداء بيان ومتى حملنا الآية على هذا وفينا حقها في العموم لأنه مؤد لكل ما انزل الله ومتى حملت على البيان الذي هو التفسير حملت على التخصيص وإذا أمكن حمل الآية على العموم كان أولى من حملها على الخصوص واستدلوا أيضا بقوله وإذا بدلنا اية مكان اية قالوا فتبين انه يبدل الآية بالآية وذلك يمنع من أن ينسخ بالسنة واعترض على ذلك من خالف (فبين ظ) بان قال ليس فيه انه لا يجوز أن يبدل الآية الا بالآية فالتعلق به لا يصح ولأنه لا يدل على موضع الخلاف من نسخ حكم الآية بالسنة لأنه انما ذكر ان الآية تبدل بالآية ولم يذكر الحكم واستدلوا بقوله تعالى وقال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقران غير هذا أو بدله قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125