ان تغمضوا فيه إشارة إلى ما تقدم ذكره وكل ذلك لا يصح في العتق فالتعلق به لا يصح ومن ذلك تعلقهم بقول لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة في ان المؤمن لا يقتل بكافر لان نفى الاستواء إذا اطلق فيما قد ثبت بالدليل انه متماثل في الذات انما يعنى به في بعض أوصافه فهو إذا مجمل ومتى عقب الكلام بشئ فرق بينهما فيه وجب حمل أوله عليه وقد ذكروا في اخر الآية قوله أصحاب الجنة هم الفائزون فينبغي أن يكون المراد بنفي الاستواء في الفوز بالجنة ومن ذلك اعتراض من اعترض على قوله (ع) لا يقتل مؤمن بكافر وحمل ذلك على الكافر الحربي لما عطف عليه من قوله ولا ذو عهد في عهده فجعل هذا المعطوف عليه مؤثرا في التعلق بما تقدم وهذا لا يصح لان الجملة الأولى لا يمتنع حملها على ظاهرها وان خص بعضها في الذكر الثاني وأكثر ما في ذلك ان يكون (ع) قال ولا ذو عهد في عهده يقتل بكافر ولو قال ذلك لم يمتنع دخول جميع الكفار تحت قوله لا يقتل مؤمن بكافر ولو قال قايل لا يقتل عربي بعجمي ولا البالغ من العجم بالأطفال لم يجب بوجب (بوجوب) تخصيص الكلام الأول فاما التعلق بقوله (ع) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان فلا يصح لان المرفوع غير مذكور ولا جرت العادة باستعمال (في استعمال خ ل) هذه اللفظة في حكم خطاء مخصوص وانما يمكن التعلق به بان يقال لا يخلو أن يكون نفس الخطا والنسيان مرفوعا وذلك محال مع وقوعه أو يكون المرفوع العقاب والثواب وذلك معلوم عقلا فالواجب حمل الكلام على رفع احكام الدنيا لان قول النبي (ع) إذا أمكن حمله على ما يستفاد من جهته كان أولى من حمله على ما قد علم بالعقل وهذه الجملة تنبه على ما عداها فينبغي أن بتأمل ليقاس عليها غيرها وجملة القول في ذلك ان ما يتعلق به من الخطاب انما يصح التعلق به أن يكون (كان ظ) اللفظ في أصل الوضع يفيد ما يتعلق به فيه ان (أو) فحواه أو دليله أو يعلم من حال المخاطب انه يخاطب بمثله الا ويريد ذلك به والاخر ح خطابه من أن يكون مفيدا أو يفيد بالعرف ما استعمل فيه أو بالشرع فمتى خرج من هذه الوجوه لم يصح التعلق به وربما (انما ظ) يختلف في حال الخطاب ومواقعه فربما لطف الوجه الذي لأجله لا يصح التعلق به ربما ظهر فالواجب للسامع أن يجتهد في البحث عنه فإنه ان تقدم لن يعدم الوقوف على ذلك إذا كان قد ضبط الأصول في هذا الباب فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة ذهب كثير من الناس إلى أن تأخير التبليغ لا يجوز ثم افترقوا فمنهم من حمله على تأخير البيان ومنهم من تعلق في ذلك بقوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وقالوا امره (ع) على الفور وذهب أكثر المحصلين إلى ان ذلك يجوز وهو الصحيح والذي يدل على ذلك انه صلى الله عليه وآله انما يجب أن يؤدى بحسب ما يتعبد به من تقديم أو تأخير فان تعبد بالتبليغ (بالتتابع خ ل) عاجلا وجب عليه ذلك وان تعبد آجلا كان مثل ذلك فاما تعلقهم في المنع من ذلك بحمله على قبح تأخير البيان فعندنا ان تأخير البيان يجوز عن وقت الخطاب وانما لا يجوز عن وقت الحاجة وكذلك نقول في التبليغ فسقط بذلك ما قالوه ومن منع من ذلك في تأخير البيان فرق بينهما بان قال انما قبح تأخير البيان لشئ يرجع إلى حال الخطاب والى ان لا يستفاد به شئ
(١١)