عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٥١
من الصحابة ان المسح على الخفين نسخ الكتاب لما علمنا انه ليس طريقه النسخ وكذلك لم يقبل قول من قال ان الماء من الماء منسوخ واما إذا قال الصحابي ان كذا وكذا كان حكما ثابتا من قبل وانه قد نسخ ولم يذكر ما به نسخ فان ابا عبد الله البصري حكى عن أبي الحسن انه كان يرجع إلى قوله وذلك نحو قول ابن مسعود حين ذكر له التشهد التحيات الزكيات فقال كان هذا مرة ثم نسخ بتشهده ونحو ما روى عن ابن عمر وابن عباس في الرضاع انهما قالا كان الواجب التوقيت واما الان فلا وذهب غيره إلى انه لا يرجع إلى قول الصحابي في ذلك لأنه إذا جاز فيما صرح بأنه ناسخ الا يكون ناسخا في الحقيقة فان اعتقد هو فيه ذلك فغير ممتنع ان يطلق ذلك اطلاقا ولا يذكر ما لأجله قال لأنه (انه ظ) منسوخ لو ذكره كان مما لا يقع النسخ به ولو علم من حاله انه انما ذكر انه منسوخ لامر لا يلتبس لوجوب (لوجب ظ) الرجوع إلى قوله وقد يعلم التاريخ بأن يكون أحد الخبرين يقتضى حكما معلوما بغير شرع والاخر يقتضى حكما شرعيا فيكون ذلك هو الطاري على الأول نحو ما ذكر من حديث الذكر لان وجوب الوضوء من مسه هو الطاري فيصح أن ينسخ به حديث قيس وقد يعلم ذلك بأن يكون أحد الحديثين يقتضى حكما شرعيا معلوم من حاله انه المبتدء به في الشرع والاخر يقتضى حكما ثابتا فيعلم انه بعده فالتاريخ لا يعلم الا بهذه الوجوه التي حصرناها واما ما كان بها فاما إذا عدم التاريخ فقد بينا القول في ذلك في باب الاخبار المتعارضة وهذه الجملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر جملة من احكام الافعال ومن يضاف إليه واختلاف أحوالهم إذا أردنا أن نبين احكام الافعال فلابد من أن نبين أولا معنى الفعل وحده ليعلم ذلك ثم يبين حكمه فحد الفعل ما حدث وقد كان مقدورا قبله وهو على ضربين منه ما لا صفة له زايدة على حدوثه مثل كلام الساهي والنايم وحركاته التي لا تتعداه والضرب الاخر له صفة زايدة على حدوثه وهو على ضربين أحدهما قبيح والاخر حسن فحد القبيح هو كل فعل وقع من عالم بقبحه أو متمكن من العلم بذلك على وجه كان يمكنه ان لا يفعله فيستحق به الذم من العقلاء ولا ينقسم ذلك في كونه قبيحا وربما (ان ظ) انقسمت أسمائه إلى كفر وفسق بكبيرة وصغيرة عند من قال بذلك واما الحسن فينقسم ستة اقسام أحدها ما ليس له صفة زايدة على حسنه وحده ما يتساوى فعله وتركه فلا يستحق بفعله مدحا ولا بتركه ذما وهو المسمى مباحا وطلقا وغير ذلك الا انه لا يسمى بذلك الا إذا اعلم فاعله ذلك أو دل عليه ولذلك لا يوصف الفعل القديم العقاب بالعصاة بأنه مباح وان كان بصفته لما ذكرناه من انه (فإنه خ ر) لم يعلم ولم يدل عليه بل هو من عالم به لنفسه والثاني ما له صفة زايدة على حسنه وحده ما يستحق بفعله المدح وهو على ضربين أحدهما لا يستحق بتركه الذم والاخر يستحق بفعله الذم فما لا يستحق بتركه الذم هو المسمى ندبا ومستحبا ومرغبا فيه الا أنه لا يسمى بذلك الا إذا علم فاعله ذلك بنحو ما قلناه في المباح وينقسم هذا القسم قسمين أحدهما أن يكون نفعا أصلا لغير فاعله فيسمى بأنه تفضل واحسان ويتساوى فيه فعل القديم والمحدث في التسمية بذلك والقسم الاخر لا يتعدى إلى الغير وهو المسمى بأنه
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125