عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٥٤
ثبت ذلك فلا يمتنع أيضا ان تكون مصالح النبي عليه السلام تخصه ويكون حالنا بخلاف حاله بل ربما كانت مفسده لنا حتى متى فعلناها كنا مقبحين فإذا ثبت ذلك وجب الرجوع في مشاركتنا له في ذلك إلى السمع فان دل الدليل عليه حكم به والا بقي على الأصل على ما بيناه ويفارق افعاله (ع) في هذا الباب أقواله لأنه بعث ليعرفنا مصالحنا وتعريفه لنا ذلك يكون بالقول فلو لم نرجع إلى قوله لأدى إلى خروجه من أن يكون رسولا وليس كذلك فعله ولأنه إذا أمرنا بشئ فقد اراده منا فيجب أن نفعله ان كان واجبا وان يرغب فيه ان كان ندبا ولا يجب ان نفعل فعلا رأيناه يفعله لان ذلك لا يدل على انه اراده منا ويدل على ذلك أيضا ان افعاله تخصه ولا تتعدى إلى غيره الا بدليل وأقواله تتناول غيره وانما يعلم انه داخل فيها بدليل فعلم بذلك الفرق بين القول والفعل فان قيل ان هذا المذهب يجوز عليكم القول بأن تجوزوا مخالفته في جميع افعاله الشرعية وتجويز ذلك يقتضى التنفير عن قبول قوله فيجب الحكم بفساده قيل لهم لا خلاف ان النبي (ع) لو نص لنا على ان لنا مخالفة (مخالفته) في افعاله الشرعية لجاز ولم يوجب ذلك التنفير عن قبول قوله فكذلك إذا دل العقل على ما ذكرناه يجب القول بجوازه ولم يوجب ذلك التنفير عن قبول قوله وكذلك لو خص بجميع افعاله لم يوجب التنفير عن قبول قوله وصحة ما قلناه لا يبين فساد قول من قال افعاله على الوجوب عقلا واما الذي يدل على وجوب التأسي به (ع) في جميع افعاله الا ما خص به من جهة السمع ما لا خلاف فيه بين الأمة في الرجوع إلى افعاله (ع) في تعرف الاحكام في الحوادث كما انه يرجع إلى قوله (ع) في مثل ذلك فإذا صح ذلك فكما ان أقواله حجة تجب أن تكون افعاله أيضا حجة ولا خلاف في انه إذا فعل الفعل على وجه الإباحة وعلم من ذلك من حاله لا يجوز أن يفعله على وجه الوجوب ولا ان يحكم بوجوبه علينا وانما اختلفوا في افعاله التي لا يعلم على أي وجه وقعت منه هل يحكم بوجوب مثلها علينا أم لا ولم يختلفوا في افعاله التي هي عبارة مثل الصلاة والصيام يجب التأسي به فيها واختلفوا فيما عدا ذلك فمنهم من يقول لا يجب التأسي به (الا بدليل يخص ذلك ومنهم من يقول ان ما دل على وجوب التأسي به في بعضه يدل على التأسي به في سايره فجميع افعاله سواء في انه يتأسى به الا ما استثنى منها وما قدمناه يدل على صحة ذلك وقوله لقد كان في رسول الله أسوة حسنة وقوله تعالى فاتبعوه يدلان على ان التأسي به واتباعه فيما يصح اتباعه فيه من قول أو فعل وما ظهر من حال الصحابة من رجوعهم إلى افعاله صلى الله عليه وآله نحو ما روى عن عمر انه قبل الحجر وقال اعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك ورجوعهم إلى أزواجه في ثبوت ما كان يفعله فيفعلوه يدل على ذلك أيضا نحو ما روى عن أم سلمه انها سئلت عن القبلة للصايم فأجابت ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك فرجع ذلك السايل إليها وقال ان الله غفر لنبيه ما تقدم من ذنبه وما تأخر وليس سبيله سبيل غيره فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فأنكر ذلك وقال اني لأرجوا أن أكون أخشاكم لله
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125