وقوله تعالى: * (قل ما يعبؤ بكم) * الآية، ما نافية وتحتمل التقرير، ثم الآية تحتمل أن تكون خطابا لجميع الناس، فكأنه قال لقريش منهم: ما يبالي الله بكم، ولا ينظر إليكم لولا عبادتكم إياه، أن لو كانت، إذ ذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله; قال تعالى: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * [الذاريات: 56]. وقال النقاش وغيره: المعنى: لولا استغاثتكم إليه في الشدائد، وقرأ ابن الزبير وغيره: " فقد كذب الكافرون " وهذا يؤيد أن الخطاب بما يعبأ هو لجميع الناس، ثم يقول لقريش: فأنتم قد كذبتم، ولم تعبدوه فسوف يكون العذاب أو التكذيب الذي هو سبب العذاب لزاما، ويحتمل أن يكون الخطاب بالآيتين لقريش [خاصة] وقال الداودي: وعن ابن عيينة: * (لولا دعاؤكم) * معناه: لولا دعاؤكم إياه لتطيعوه، انتهى، قال ابن العربي في " أحكامه ": زعم بعض الأدباء أن " لولا دعاؤكم " معناه: لولا سؤالكم إياه وطلبكم منه، ورأى أنه مصدر أضيف إلى فاعل، وليس كما زعم; وإنما هو مصدر أضيف إلى مفعول، والمعنى: قل يا محمد للكفار: لولا دعاؤكم ببعثة الرسول إليكم وتبين الأدلة لكم فقد كذبتم; فسوف يكون لزاما; ذكر هذا عند قوله تعالى:
* (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * [النور:]. في آخر سورة النور.
انتهى.
* ت * والحق أن الآية محتملة لجميع ما تقدم، ومن ادعى التخصيص فعليه بالدليل، والله أعلم.
ويعبأ: مشتق من العبء وهو الثقل الذي يعبأ ويرتب كما يعبأ الجيش.