تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٤
وقوله سبحانه: (إن نعف عن طائفة منكم)، يريد، فيما ذكره المفسرون، رجلا واحدا، قيل: اسمه مخشي بن حمير، قاله ابن إسحاق، وذكر جميعهم أنه استشهد باليمامة، وقد كان تاب، وتسمى عبد الرحمن، فدعا الله أن يستشهد، ويجهل أمره، فكان كذلك، ولم يوجد جسده، وكان مخشي مع المنافقين الذين قالوا: إنما كنا نخوض ونلعب، فقيل: كان منافقا، ثم تاب توبة صحيحة، وقيل: كان مسلما مخلصا إلا أنه سمع المنافقين، فضحك لهم، ولم ينكر عليهم، فعفا الله عنه في كلا الوجهين، ثم أوجب العذاب لباقي المنافقين الذين قالوا ما تقدم.
وقوله سبحانه: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض): يريد: في الحكم والمنزلة في الكفر، ولما تقدم قبل: (وما هم منكم) [التوبة: 56] حسن هذه الإخبار، و (يقبضون أيديهم): أي: عن الصدقة، وفعل الخير، (نسوا الله): أي: تركوه، حين تركوا اتباع نبيه وشرعه، (فنسيهم): أي: فتركهم حين لم يهدهم، والكفار، في الآية:
المعلنون، وقوله: (هي حسبهم): أي: كافيتهم.
وقوله تعالى: (كالذين من قبلكم): أي: أنتم، أيها المنافقون، كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة، فعصوا، فأهلكوا، فأنتم أولى بالإهلاك لمعصيتكم وضعفكم، والخلاق: الحظ من القدر والدين وجميع حال المرء، فخلاق المرء: الشئ الذي هو به خليق، والمعنى: عجلوا حظهم في دنياهم، وتركوا الآخرة، فاتبعتموه أنتم، (أولئك
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة