تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٦
على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفة، ويعطى المؤمن في كل غداة من القوة ما يأتي على ذلك أجمع "، وأما قوله سبحانه: (ورضوان من الله أكبر)، ففي الحديث الصحيح، أن الله عز وجل يقول لعباده إذا استقروا في الجنة: " هل رضيتم؟!
فيقولون: وكيف لا نرضى، يا ربنا؟ فيقول: إني سأعطيكم أفضل من هذا كله، رضواني، أرضي عنكم، فلا أسخط عليكم أبدا... " الحديث، وقوله: (أكبر): يريد: أكبر من جميع ما تقدم، ومعنى الآية والحديث متفق، وقال الحسن بن أبي الحسن: وصل إلى قلوبهم برضوان الله من اللذة والسرور ما هو ألذ عندهم وأقر لأعينهم من كل شئ أصابوه من لذة الجنة، قال الإمام الفخر: وإنما كان الرضوان أكبر، لأنه عند العارفين نعيم روحاني، وهو أشرف من النعيم الجسماني. انتهى. أنظره في أوائل " آل عمران ".
قال * ع *: ويظهر أن يكون قوله تعالى: (ورضوان من الله أكبر) إشارة إلى منازل المقربين الشاربين من تسنيم، والذين يرون كما يرى النجم الغابر في الأفق، وجميع من في الجنة راض، والمنازل مختلفة، وفضل الله متسع، و (الفوز): النجاة والخلاص، ومن أدخل الجنة فقد فاز، والمقربون هم في الفوز العظيم، والعبارة عندي ب‍ " سرور وكمال " أجود من العبارة عنها ب‍ " لذة "، واللذة أيضا مستعملة في هذا.
وقوله سبحانه: (يا أيها النبي جاهد الكفار): أي: بالسيف و (المنافقين)، أي:
باللسان والتعنيف والاكفهرار في الوجه، وبإقامة الحدود عليهم.
قال الحسن: وأكثر ما كانت الحدود يومئذ تصيب المنافقين، ومذهب الطبري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرفهم ويسترهم، وأما قوله: (واعظ عليهم)، فلفظة عامة في الأفعال والأقوال، ومعنى الغلظ: خشن الجانب، فهو ضد قوله تعالى: (واخفض جناحك
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة