تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٠١
عبد الله، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال: " فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا، فأذن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة...) إلى آخر الآية: (إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء: 1] والآية التي في سورة الحشر: (واتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد) [الحشر: 18] تصدق رجل، من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ". انتهى.
وقوله سبحانه: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم): المعنى: أن الله خير نبيه في هذا، فكأنه قال له: إن شئت فاستغفر لهم، وإن شئت لا تستغفر، ثم أعلمه أنه لا يغفر لهم، وإن استغفر سبعين مرة، وهذا هو الصحيح في تأويل الآية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: " إن الله قد خيرني فاخترت، ولو علمت أني إذا زدت على السبعين يغفر لهم لزدت... " الحديث، وظاهر لفظ الحديث رفض إلزام دليل الخطاب، وظاهر صلاته صلى الله عليه وسلم على ابن أبي أن كفره لم يكن يقينا عنده، ومحال أن يصلي على كافر، ولكنه راعى ظواهره من الإقرار
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة