تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٨١
أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب إلى الله والتزلف إليه، وأن هذه حقيقة حالهم.
وقوله سبحانه: (ويرجون رحمته...) الآية: قال عز الدين بن عبد السلام، في اختصاره ل‍ " رعاية المحاسبي ": الخوف والرجاء: وسيلتان إلى فعل الواجبات والمندوبات، وترك المحرمات والمكروهات، ولكن لا بد من الإكباب على استحضار ذلك واستدامته في أكثر الأوقات، حتى يصير الثواب والعقاب نصب عينيه، فيحثاه على فعل الطاعات، وترك المخالفات، ولن يحصل له ذلك إلا بتفريغ القلب من كل شئ سوى ما يفكر فيه، أو يعينه على الفكر، وقد مثل القلب المريض بالشهوات بالثوب المتسخ الذي لا تزول أدرانه إلا بتكرير غسله وحته وقرضه، انتهى. وباقي الآية بين.
وقوله سبحانه: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها...) الآية: أخبر سبحانه في هذه الآية أنه ليس مدينة من المدن إلا هي هالكة قبل يوم القيامة بالموت والفناء، هذا مع السلامة وأخذها جزءا جزءا، أو هي معذبة مأخوذة مرة واحدة.
/ وقله: (في الكتاب): يريد في سابق القضاء، وما خطه القلم في اللوح المحفوظ، " والمسطور ": المكتوب أسطارا.
وقوله سبحانه: (وما منعنا أن نرسل بالآيات...) الآية: هذه العبارة في (منعنا) هي على ظاهر ما تفهم العرب، فسمى سبحانه سبق قضائه بتكذيب من كذب وتعذيبه - منعا، وسبب هذه الآية أن قريشا اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، ونحو هذا من الاقتراحات، فأوحى الله إلى نبيه عليه السلام: إن شئت أفعل لهم ذلك، ثم إن لم يؤمنوا، عاجلتهم بالعقوبة، وإن شئت، استأنيت بهم، عسى أن أجتبي منهم مؤمنين، فقال عليه السلام: بل استأن بهم يا رب، فأخبر سبحانه في هذه الآية، أنه لم يمنعه جل وعلا من إرسال الآيات المقترحة إلا الاستئناء، إذ قد سلفت عادته سبحانه بمعالجة الأمم الذين
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة