تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٠
تأخر عنه بعد العلم، فيظهر والله أعلم، أن الآية الأولى باق حكمها، كما قال ابن عباس، وتكون الثانية ليست في معنى الغزو، بل في شأن التفقه في الدين على الإطلاق وهذا هو الذي يفهم من استدلالهم بالآية على فضل العلم، وقد قالت فرقة: إن هذه الآية ليست في معنى الغزو، وإنما سببها قبائل من العرب أصابتهم مجاعة، فنفروا إلى المدينة لمعنى المعاش، فكادوا يفسدونها، وكان أكثرهم غير صحيح الإيمان، وإنما أضرعه الجوع، فنزلت الآية في ذلك، والإنذار في الآية عام للكفر والمعاصي، والحذر منها أيضا، كذلك قال ابن المبارك في " رقائقه " أخبرنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال إذا أراد الله تبارك وتعالى بعبد خيرا، جعل فيه ثلاث خصال: فقها في الدين، وزهادة في الدنيا، وبصره بعيوبه. انتهى.
وقوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) قيل: إن هذه الآية نزلت قبل الأمر بقتال الكفار كافة، فهي من التدريج الذي كان في أول الإسلام.
قال * ع *: وهذا ضعيف فإن هذه السورة من آخر ما نزل.
وقالت فرقة: معنى الآية أن الله تبارك وتعالى أمر فيها المؤمنين أن يقاتل كل فريق منهم الجنس الذي يليه من الكفرة.
وقوله سبحانه: (وليجدوا فيكم غلظة): أي: خشونة وبأسا، ثم وعد سبحانه في آخر الآية وحض على التقوى التي هي ملاك الدين والدنيا، وبها يلقى العدو، وقد قال
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة