تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢١٩
بنفسها، يقع تحت تلك المبايعة كل موحد قاتل في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا، وإن لم يتصف بهذه الصفات التي في هذه الآية الثانية أو بأكثرها، وقالت فرقة: بل هذه الصفات جاءت على جهة الشرط، والآيتان مرتبطتان، فلا يدخل في المبايعة إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف، وهذا تحريج وتضييق، والأول أصوب، والله أعلم.
والشهادة ماحية لكل ذنب إلا لمظالم العباد، وقد روي أن الله عز وجل يحمل على الشهيد مظالم العباد، ويجازيهم عنه، ختم الله لنا بالحسنى.
(والسائحون): معناه: الصائمون، وروي عن عائشة، أنها قالت: سياحة هذه الأمة الصيام، أسنده الطبري، وروي أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الفخر: ولما كان أصل السياحة الاستمرار على الذهاب في الأرض، سمي الصائم سائحا، لاستمراره على فعل الطاعة وترك المنهي عنه من المفطرات.
قال الفخر: وعندي فيه وجه آخر، وهو أن الإنسان إذا امتنع من الأكل والشرب والوقاع، وسد على نفسه باب الشهوات، انفتحت له أبواب الحكمة وتجلت له أنوار عالم الجلال، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " من أخلص لله أربعين صباحا، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فيصير من السائحين في عالم جلال الله المنتقلين من مقام إلى مقام، ومن
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة