تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
وقوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)، قال ابن عباس وغيره:
معنى الشرك هو الذي نجسهم، كنجاسة الخمر، ونص الله سبحانه في هذه الآية على المشركين، وعلى المسجد الحرام، فقاس مالك رحمه الله وغيره جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، على المشركين، وقاس سائر المساجد على المسجد الحرام، ومنع من دخول الجميع في جميع المساجد، وقوة قوله سبحانه: (فلا يقربوا) يقتضي أمر المسلمين بمنعهم.
وقوله: (بعد عامهم هذا)، يريد: بعد عام تسع من الهجرة، وهو عام حج أبو بكر بالناس.
وقوله سبحانه: (وإن خفتم عيلة)، أي: فقرا، (فسوف يغنيكم الله من فضله)، وكان المسلمون، لما منع المشركون من الموسم، وهم كانوا يجلبون الأطعمة والتجارات، قذف الشيطان في نفوسهم الخوف من الفقر، وقالوا: من أين نعيش؟ فوعدهم الله سبحانه بأن يغنيهم من فضله، فكان الأمر كما وعد الله سبحانه، فأسلمت العرب، فتمادى حجهم وتجرهم، وأغنى الله من فضله بالجهاد والظهور على الأمم.
وقوله سبحانه: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر /...) الآية: هذه الآية تضمنت قتال أهل الكتاب، قال مجاهد: وعند نزول هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو الروم، ومشى نحو تبوك، ونفى سبحانه عن أهل الكتاب الإيمان بالله واليوم الآخر، حيث تركوا شرع الإسلام، وأيضا فكانت اعتقاداتهم غير مستقيمة، لأنهم تشعبوا، وقالوا عزير ابن الله، والله ثالث ثلاثة، وغير ذلك، ولهم أيضا في البعث آراء فاسدة، كشراء منازل الجنة من الرهبان، إلى غير لك من الهذيان، (ولا يدينون دين الحق)، أي: لا يطيعون، ولا يمتثلون، ومنه قول عائشة: " ما عقلت أبوي إلا وهما يدينان الدين "، والدين هنا: الشريعة، قال ابن القاسم وأشهب وسحنون: وتؤخذ الجزية من مجوس العرب والأمم كلها، وأما عبدة الأوثان والنيران وغير ذلك، فجمهور العلماء على قبول الجزية منهم، وهو قول مالك في " المدونة ".
وقال الشافعي وأبو ثور: لا تؤخذ الجزية إلا من اليهود والنصارى والمجوس فقط، وأما قدرها في مذهب مالك وغيره، فأربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهما على أهل الفضة، وهذا في العنوة، وأما الصلح، فهو ما صالحوا عليه، قليل أو كثير.
وقوله: (عن يد) يحتمل وجوها:
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة