تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٦٣
الجمل، ويتجه أن يوصف ب‍ " الأكبر "، على جهة المدح، لا بالإضافة إلى أصغر معين، بل يكون المعنى: الأكبر من سائر الأيام، فتأمله.
واختصار ما تحتاج إليه هذه الآية، على ما ذكر مجاهد وغيره من صورة تلك الحال:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح مكة سنة ثمان، فاستعمل عليها عتاب بن أسيد، وقضى أمر حنين والطائف، وانصرف إلى المدينة، فأقام بها حتى خرج إلى تبوك، ثم انصرف من تبوك في رمضان سنة تسع، فأراد الحج، ثم نظر في أن المشركين يحجون في تلك السنة، ويطوفون عراة، فقال: لا أريد أن أرى ذلك، فأمر أبا بكر على الحج بالناس، وأنفذه، ثم أتبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقته العضباء، وأمره أن يؤذن في الناس بأربعين آية:
صدر صورة " براءة "، وقيل: ثلاثين، وقيل: عشرين، وفي بعض الروايات: عشر آيات، وفي بعضها: تسع آيات، وأمره أن يؤذن الناس بأربعة أشياء، وهي: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وفي بعض الروايات: ولا يدخل الجنة كافر، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله عهد، فهو إلى مدته، وفي بعض الروايات: ومن كان بينه وبين رسول الله عهد، فأجله أربعة أشهر يسيح فيها، فإذا انقضت، فإن الله بريء من المشركين ورسوله.
قال * ع *: وأقول: إنهم كانوا ينادون بهذا كله، فأربعة أشهر، للذين لهم عهد وتحسس منهم نقضه، والإبقاء إلى المدة لمن لم يخبر منه نقض، وذكر الطبري أن العرب قالت يومئذ: نحن نبرأ من عهدك، ثم لام بعضهم بعضا، وقالوا: ما تصنعون، وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا كلهم، ولم يسح أحد.
قال * ع *: وحينئذ دخل الناس في دين الله أفواجا.
وقوله سبحانه: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) أي: ورسوله بريء منهم.
وقوله: (فإن تبتم)، أي: عن الكفر.
وقوله سبحانه: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم)، هذا هو الاستثناء الذي تقدم ذكره، وقرأ عكرمة وغيره: " ينقضوكم " - بالضاد المعجمة -، و (يظاهروا): معناه: يعاونوا،
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة