تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٥٦
شئتم، أخذتم فداء الأسرى، ويقتل منكم في الحرب سبعون على عددهم، وإن شئتم، قتلوا وسلمتم، فقالوا: نأخذ المال، ويستشهد منا "، وذكر عبد بن حميد بسنده، أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير الناس هكذا، وعلى هذا، فالأمر في هذا التخيير من عند الله، فإنه إعلام بغيب، وإذا خيروا رضي الله عنهم، فكيف يقع التوبيخ بعد بقوله تعالى:
(لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم)، فهذا يدلك على صحة ما قدمناه، أن العتب لهم إنما هو على استبقاء الرجال وقت الهزيمة، رغبة في أخذ المال، وهو الذي أقول به، وذكر المفسرون أيضا في هذه الآيات تحليل / المغانم، ولا أقول ذلك، لأن تحليل المغانم قد تقدم قبل بدر في السرية التي قتل فيها ابن الحضرمي، وإنما المبتدع في بدر استبقاء الرجال، لأجل المال، والذي من الله به فيها: إلحاق فدية الكافر بالمغانم التي تقدم تحليلها، وقوله سبحانه: (لو كتاب من الله سبق...) الآية: قال ابن عباس، وأبو هريرة، والحسن، وغيرهم: الكتاب: هو ما كان الله قضاه في الأزل من إحلال الغنائم والفداء لهذه الأمة، وقال مجاهد وغيره: الكتاب السابق: مغفرة الله لأهل بدر، وقيل:
الكتاب السابق: هو ألا يعذب الله أحد بذنب إلا بعد النهي عنه، حكاه الطبري.
قال ابن العربي في " أحكام القرآن ": وهذه الأقوال كلها صحيحة ممكنة، لكن أقواها ما سبق من إحلال الغنيمة، وقد كانوا غنموا أول غنيمة في الإسلام حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش. انتهى، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو نزل في هذا الأمر عذاب، لنجا منه عمر بن الخطاب "، وفي حديث آخر: " وسعد بن معاذ "، وذلك أن رأيهما كان
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة