تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٦٢
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستأذنونه، ولم يؤثر في هؤلاء الكاذبين شيئا.
قوله تعالى: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) المراد بالضعفاء بدلالة سياق الآية: الذين لا قوة لهم على الجهاد بحسب الطبع كالزمني كما أن المرضى لا قوة لهم عليه بحسب عارض مزاجي، والذين لا يجدون ما ينفقون لا قوة لهم عليه من جهة فقد المال ونحوه.
فهؤلاء مرفوع عنهم الحرج والمشقة أي الحكم بالوجوب الذي لو وضع كان حكما حرجيا، وكذا ما يستتبعه الحكم من الذم والعقاب على تقرير المخالفة.
وقد قيد الله تعالى رفع الحرج عنهم بقوله: (إذا نصحوا لله ورسوله) وهو ناظر إلى الذم العقاب على المخالفة والقعود فإنما يرفع الذم والعقاب عن هؤلاء المعذورين إذا نصحوا لله ورسوله، وأخلصوا من الغش والخيانة ولم يجروا في قعودهم على ما يجرى عليه المنافقون المتخلفون من تقليب الأمور وإفساد القلوب في مجتمع المؤمنين، وإلا فيجرى عليهم ما يجرى على المنافقين من الذم والعقاب.
وقوله: (ما على المحسنين من سبيل) في مقام التعليل لنفى الحرج عن الطوائف المذكورين بشرط ان ينصحوا لله ورسوله أي لانهم يكونون حينئذ محسنين وما على المحسنين من سبيل فلا سبيل يتسلط عليهم يؤتون منه فيصابون بما يكرهونه.
ففي السبيل كناية عن كونهم في مأمن مما يصيبهم من مكروه كأنهم في حصن حصين لا طريق إلى داخله يسلكه الشر إليهم فيصيبهم، والجملة عامة بحسب المعنى وإن كان مورد التطبيق خاصا قوله تعالى: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت) الآية قال في المجمع:
الحمل إعطاء المركوب من فرس أو بعير أو غير ذلك تقول: حمله يحمله حملا إذا أعطاه ما يحمل عليه قال:
ألا فتى عنده خفان يحملني عليهما إنني شيخ على سفر قال: والفيض الجرى عن امتلاء من قولهم: فاض الاناء بما فيه، والحزن ألم في القلب لفوت أمر مأخوذ من حزن الأرض وهى الأرض الغليظة المسلك. انتهى.
وقوله: (ولا على الذين) الآية. موصول صلته قوله: (تولوا) الآية، وقوله:
(إذا ما اتوك لتحملهم) كالشرك والجزاء والمجموع ظرف لقوله: تولوا) وحزنا
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»
الفهرست