تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٦٧
آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم) آية: 113 من السورة ينهى عن الاستغفار معللا ذلك بالكفر وخلود النار، وكيف يتصور مع ذلك جواز الاستغفار لهم والصلاة عليهم؟
وثانيا: ان سياق الآيات التي منها قوله: (ولا تصل على أحد منهم مات ابدا) الآية صريح في أن هذه الآية إنما نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم في سفره إلى تبوك ولما يرجع إلى المدينة، وذاك في سنة ثمان، وقد وقع موت عبد الله بن أبي بالمدينة سنة تسع من الهجرة كل ذلك مسلم من طريق النقل.
فما معنى قوله في هذه الروايات: ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عبد الله وقام على قبره ثم انزل الله عليه: (ولا تصل على أحد منهم مات ابدا) الآية؟
واعجب منه ما وقع في بعض الروايات السابقة ان عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
اتصلى عليه وقد نهاك عن الصلاة للمنافقين فقال: ان ربى خيرني ثم انزل الله:
(ولا تصل على أحد منهم) الآية.
واعجب منه ما في الرواية الأخيرة من نزول قوله: (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) الآية، والآية من سورة المنافقون وقد نزلت بعد غزاة بنى المصطلق وكانت في سنة خمس وعبد الله بن أبي حي عندئذ وقد حكى في السورة قوله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
وقد اشتمل بعض هذه الروايات وتعلق به بعض من انتصر لها على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انما استغفر وصلى على عبد الله ليستميل قلوب رجال منافقين من الخزرج إلى الاسلام، وكيف يستقيم ذلك؟ وكيف يصح ان يخالف النبي صلى الله عليه وآل وسلم النص الصريح من الآيات استمالة لقلوب المنافقين ومداهنة معهم؟ وقد هدده الله على ذلك بأبلغ التهديد في مثل قوله:
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف المماة) الآية اسرى: 75. فالوجه ان هذه الروايات موضوعة يجب طرحها بمخالفة الكتاب.
وفي الدر المنثور في قوله: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) الآية اخرج ابن مردويه عن سعد بن أبى وقاص ان على بن أبي طالب خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء ثنية الوداع يريد تبوك، وعلى يبكى ويقول تخلفني مع الخوالف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست